أراد
رواية صحيحة فليأخذها عن المفضّل؛ فسألنا عن السبب فأخبرنا أن المهديّ قال للمفضل
لما دعا به وحده: إني رأيت زهير بن أبي سلمى افتتح قصيدته بأن قال:
دع ذا وعدّ القول في هرم
و لم يتقدّم له
قبل ذلك قول، فما الذي أمر نفسه بتركه؟ فقال له المفضّل: ما سمعت يا أمير المؤمنين
في هذا شيئا إلا أنّي توهمته كان يفكّر في قول يقوله، أو يروّي في أن يقول شعرا
فعدل عنه إلى مدح هرم و قال دع ذا، أو كان مفكرا في شيء من شأنه فتركه و قال دع
ذا، أي دع ما أنت فيه من الفكر و عدّ القول في هرم؛ فأمسك عنه. ثم دعا بحماد فسأله
عن مثل ما سأل عنه المفضّل، فقال ليس هكذا قال زهير يا أمير المؤمنين؛ قال فكيف
قال؟
قال: فأطرق
المهديّ ساعة، ثم أقبل على حماد فقال له: قد بلغ أمير المؤمنين عنك خبر لا بدّ من
استحلافك عليه، ثم استحلفه بأيمان البيعة و كل يمين محرجة ليصدقنّه عن كل ما يسأله
عنه، فحلف له بما توثّق منه. قال له:
اصدقني عن حال
هذه الأبيات و من أضافها إلى زهير؛ فأقرّ له حينئذ أنه قائلها؛ فأمر [8] فيه و في
المفضّل بما أمر به من شهرة أمرهما و كشفه.
سأله الوليد
عن مقدار روايته و استنشده شعرا في الخمر و أجازه:
أخبرني الحسين
بن القاسم الكوكبيّ قال حدّثنا أحمد بن عبيد قال حدّثنا الأصمعيّ قال:
قال حماد
الراوية: أرسل إليّ أمير الكوفة فقال لي: قد أتاني كتاب أمير المؤمنين الوليد بن
يزيد يأمرني بحملك. فجملت فقدمت عليه و هو في الصيد، فلما/ رجع أذن لي، فدخلت عليه
و هو في بيت منجّد [9] بالأرمنيّ [10] أرضه و حيطانه؛ فقال لي: أنت حماد الراوية؟
فقلت له: إن الناس ليقولون ذلك؛ قال: فما بلغ من روايتك؟ قلت: أروي سبعمائة قصيدة
أوّل كلّ واحدة منها: بانت سعاد؛ فقال: إنها لرواية! ثم دعا بشراب فأتته
[1]
القنة: أعلى الجبل، و أراد بها هنا ما أشرف على الأرض. و الحجر: موضع بعينه و هو
حجر اليمامة.
[2] كذا في
ب، س. و في سائر الأصول و ديوانه: «من» و هي بمعنى مذ.
[3] كذا في
«ديوانه». و النحائت: آبار في موضع معروف. و ليس كل الآبار تسمى النحائت. و في
جميع الأصول: «النجائب» و هو تصحيف.
[4] كذا في
«ديوانه». و ضفوى (بالفتح ثم السكون و فتح الواو و القصر. و رواه ابن دريد
بفتحتين): مكان دون المدينة. و قد وردت هذه الكلمة في جميع الأصول محرفة.