كان حمّاد الراوية
في أوّل أمره يتشطّر و يصحب الصعاليك و اللصوص، فنقب ليلة على رجل فأخذ ماله و كان
فيه جزء من شعر الأنصار، فقرأه حماد فاستحلاه و تحفّظه، ثم طلب الأدب و الشعر و
أيام الناس و لغات العرب بعد ذلك، و ترك ما كان عليه فبلغ في العلم ما بلغ.
استنشده
المهدي أحسن أبيات في السكر ثم أجازه:
حدّثنا محمد بن
العباس اليزيديّ قال حدّثني عمّي الفضل عن أبيه عن جدّه عن حمّاد الراوية قال:
دخلت على
المهديّ فقال: أنشدني أحسن أبيات قيلت في السّكر، و لك عشرة آلاف درهم و خلعتان
[1] من كسوة الشتاء و الصيف؛ فأنشدته قول الأخطل [2]:
فقال لي: أحسنت
و أمر لي بما شرطه و وعدني به فأخذته.
مدح بلال بن
أبي بردة فأنكر ذو الرمة أنه شعره:
حدّثني
اليزيديّ قال حدّثني عمي عبيد اللّه قال حدّثني سليمان بن أبي شيخ قال حدّثني صالح
بن سليمان قال:
قدم حمّاد
الراوية على بلال بن أبي بردة البصرة، و عند بلال ذو الرّمّة، فأنشده حماد شعرا
مدحه به؛ فقال بلال لذي الرّمّة: كيف ترى هذا الشعر؟ قال: جيّدا و ليس له؛ قال:
فمن يقوله؟ قال: لا أدري إلا أنه لم يقله؛ فلما قضى بلال حوائج حماد و أجازه، قال
له: إن لي إليك حاجة؛ قال: هي مقضية؛ قال: أنت قلت ذلك الشعر؟ قال:
لا؛ قال: فمن
يقوله؟ قال: بعض شعراء الجاهلية، و هو شعر قديم و ما يرويه غيري؛ قال: فمن أين علم
ذو الرمة أنه ليس من قولك؟ قال: عرف كلام أهل الجاهلية من كلام أهل الإسلام.
معناه
أنها تستبشر بالقتلى إذا أكلتهم فيهر بعضها على بعض فجعل هريرها ضحكا، و قيل أراد
أنها تسرّ بهم فجعل السرور ضحكا لأن الضحك إنما يكون منه». اه ببعض تصرف.
[1] كذا في
ب، س. و في سائر الأصول: «و خلعتان و كسوة ... إلخ».
[2] لم نجد
هذه الأبيات بين شعر الأخطل المجموع في دواوينه الثلاثة التي نشر الأوّل منها
المرحوم الدكتور أوجينوس غرّفيني الميلاني.
الإيطالي
مدير مكتبة جلالة ملك مصر سابقا (و هو محفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم 2023 أدب)
و نشر الثاني و الثالث منها الأب أنطون صالحاني اليسوعي (و هما محفوظان بدار الكتب
المصرية تحت رقمي: 3937، 1102 أدب). و جميعها طبع بيروت.
[3] الطمث:
المس. قال تعالى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌّ*. يريد أنه
لم يفرّع و لم يمسسه إنسان.
[4] تنزو:
تثب و ذلك إذا مزجت. و شجها: مزجها. و الجنادب: ضرب من الجراد. و الرمضاء: الأرض
الحارة الحامية من شدّة حر الشمس.