قال لي إبراهيم
بن محمد بن سليمان الأزديّ: لو حلف حالف أنّ أحسن أبيات قيلت في الجاهليّة و
الإسلام في الغزل قول الصّمّة القشيريّ ما حنث:
حننت إلى ريّا و نفسك باعدت
مزارك من ريّا و شعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعا
و تجزع أن داعي الصبابة أسمعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها
عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
صوت
و أذكر أيّام الحمى ثم أنثني
على كبدي من خشية أن تصدّعا
فليست عشيّات الحمى برواجع
عليك و لكن خلّ عينيك تدمعا
غنّت في هذين
البيتين قرشيّة الزّرقاء لحنا من الثقيل الأوّل عن الهشاميّ. و هذه الأبيات التي
أوّلها «حننت إلى ريّا» تروى لقيس بن ذريح في أخباره و شعره بأسانيد قد ذكرت في
مواضعها، و يروى بعضها للمجنون في أخباره بأسانيد قد/ ذكرت أيضا في أخباره. و
الصحيح في البيتين الأوّلين أنهما لقيس بن ذريح و روايتهما [له] [2] أثبت، و قد
تواترت الروايات بأنهما له من عدّة طرق؛ و الأخر مشكوك فيها أ هي للمجنون أم
للصّمّة.
كان أبو حاتم
يستجيد بيتين من شعره:
/ أنشدنا محمد
بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم للصّمّة القشيريّ قال: و كان أبو حاتم يستجيدهما، و أنشدنيهما
عمّي عن الكرانيّ عن أبي حاتم، و أنشدنيهما الحسن بن عليّ عن ابن مهرويه عن أبي
حاتم:
إذا نأت لم تفارقني علاقتها
و إن دنت فصدود العاتب الزّاري
فحال عيني من يوميك واحدة
تبكي لفرط صدود أو نوى دار
تذكر محبوبته
و بكى و ذكر شعره فيها:
أخبرني حبيب بن
نصر المهلّبي قال حدّثنا عبيد اللّه بن إسحاق بن سلّام قال حدّثني أبي عن شعيب بن
صخر عن بعض بني عقيل قال:
مررت بالصّمّة
بن عبد اللّه القشيريّ يوما و هو جالس وحده يبكي و يخاطب نفسه و يقول: لا و اللّه
ما صدقتك فيما قالت؛ فقلت: من تعني؟ ويحك! أ جننت! قال: أعني التي أقول فيها:
[1]
في س: «و جئت». و في سائر الأصول: «و خفت». و التصويب عن «ديوان الحماسة» و
«اللسان» (مادة وجع). و الليت (بالكسر):
صفحة العنق.
و الأخدع: عرق في العنق في موضع الحجامة.