فالتفت معاوية
إلى مروان فقال: ما ترى؟ قال: أرى ألّا تردّ عليه شيئا؛ فقال: ما أهون و اللّه
عليك أن ينجحر هذا في غار ثم يقطع عرضي عليّ ثم تأخذه العرب فترويه، أمّا [3] و
اللّه إن كنت لممن يرويه! أردد عليه كلّ شيء أخذته منه. و هذا الشعر يقوله
النّابغة [4] الجعديّ لعقال بن خويلد العقيليّ يحذّره غبّ الظلم لمّا أجار بني وائل
بن معن، و كانوا قتلوا رجلا من جعدة، فحذّرهم مثل حرب البسوس إن أقاموا على ذلك
فيهم.
شعره في عقال
بن خويلد و سببه:
قال أبو عمرو
الشّيبانيّ:/ كان السبب في قول الجعديّ هذه القصيدة أن المنتشر الباهليّ خرج فأغار
على اليمن ثم رجع مظفّرا. فوجد بني جعدة قد قتلوا ابنا له يقال له سيدان [5]، و
كانت باهلة في بني كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ثم في بني جعدة، فلمّا أن علم
ذلك المنتشر و أتاه الخبر أغار على بني جعدة ثم على بني سبيع في وجهه ذلك، فقتل
منهم ثلاثة نفر؛ فلما فعل ذلك تصدّعت باهلة، فلحقت فرقة منهم يقال لهم بنو وائل
بعقال بن خويلد العقيليّ، و لحقت فرقة أخرى يقال لهم بنو قتيبة و عليهم حجل
الباهليّ بيزيد بن عمرو بن الصّعق الكلابيّ، فأجارهم يزيد، و أجار عقال وائلا.
فلما رأت بنو ذلك بنو جعدة أرادوا قتالهم، فقال لهم عقال: لا تقاتلوهم/ فقد
أجرتهم؛ فأمّا أحد الثلاثة القتلى منكم فهو بالمقتول، و أمّا الآخران فعليّ عقلهما
[6]؛ فقالوا: لا نقبل إلا القتال و لا نريد من وائل غيرا [7] (يعني الدية)؛ فقال:
لا تفعلوا فقد أجرت القوم؛ فلم يزل بهم حتى قبلوا الدية. و انتقلت وائل إلى قومهم.
فقال النابغة في ذلك قصيدته التي [8] ذكر فيها عقالا:
[7] الغير
(وزان عنب): قيل: إنه مفرد جمعه أغيار، و قيل: هو جمع غيرة (بالكسر) و هي الدية.
[8] عبارة ط،
ء: «... قصيدته و هذه الأبيات التي ذكر فيها عقالا منها».
[9] داحس:
اسم فرس أضيفت إليه حرب كانت بين عبس و ذبيان، و هي حرب داحس، و ذلك أن قيس بن
زهير صاحب داحس تراهن هو و حذيفة بن بدر على عشرين بعيرا و جعلا الغاية مائة غلوة
و المضمار أربعين ليلة، فأجرى قيس داحسا و الغبراء، و حذيفة الخطار و الحنفاء،
فوضعت بنو فزارة رهط حذيفة كمينا في الطريق فردوا الغبراء و لطموها و كانت سابقة،
فهاجت الحرب بين عبس و ذبيان أربعين سنة (عن «القاموس» مادّة دحس). و النابغة
يهدّد عقالا في هذه القصيدة بحرب كحرب داحس.