- الغناء في هذه الأبيات لإبراهيم هزج بالوسطى
عن عمرو. و فيها لسياط ثاني ثقيل بالخنصر في مجرى البنصر عن إسحاق- قال: فدهش
الخمّار يسمع صوتي، فقلت له: ويحك! قد فاض النبيذ من الباطية؛ فقال: دعني من
النبيذ يا أبا إسحاق، ما لي أرى صوتك حزينا حريقا [3]، مات لك باللّه إنسان؟؛ فلما
جئت إلى الرشيد حدّثته بذلك فجعل يضحك.
قصته مع
الجواري اللاتي عقنه عن موعد الرشيد و خروج الرشيد إليهن معه متخفيا:
و ذكر أحمد بن
أبي طاهر أنّ المدائنيّ حدّث قال:
[قال] [4]
إبراهيم الموصليّ قال لي الرشيد يوما: يا إبراهيم، إني قد جعلت غدا للحريم، و جعلت
ليلته للشرب مع الرجال، و أنا مقتصر عليك من المغنّين، فلا تشتغل غدا بشيء و لا
تشرب نبيذا، و كن بحضرتي في وقت العشاء الآخرة؛ فقلت: السمع و الطاعة لأمير
المؤمنين؛ فقال: و حقّ أبي لئن تأخرت أو اعتللت بشيء لأضربنّ/ عنقك، أ فهمت؟
فقلت: نعم، و خرجت فما جاءني أحد من إخواني إلا احتجبت عنه/ و لا قرأت رقعة لأحد،
حتى إذا صلّيت المغرب ركبت قاصدا إليه، فلما قربت من فناء داره مررت بفناء قصر، و
إذا زنبيل [5] كبير مستوثق منه بحبال و أربع عرى أدم و قد دلّي من القصر، و جارية
قائمة تنتظر إنسانا قد وعد ليجلس فيه، فنازعتني نفسي إلى الجلوس فيه، ثم قلت: هذا
خطأ، و لعله أن يجري سبب يعوقني عن الخليفة فيكون الهلاك، فلم أزل أنازع نفسي و
تنازعني حتى غلبتني، فنزلت فجلست فيه، و مدّ الزنبيل حتى صار في أعلى القصر، ثم
خرجت فنزلت، فإذا جوار كأنهنّ المها جلوس، فضحكن و طربن، و قلن: قد جاء و اللّه من
أردناه؛ فلما رأينني من قريب تبادرن إلى الحجاب و قلن: يا عدوّ اللّه، ما أدخلك
إلينا؟ فقلت: يا عدوّات اللّه، و من الذي أردتنّ إدخاله؟ و لم صار أولى بهذا منّي؟
فلم يزل هذا دأبنا و هنّ يضحكن و أضحك معهنّ؛ ثم قالت إحداهنّ: أمّا من أردناه فقد
فات، و ما هذا إلا ظريف، فهلمّ نعاشره عشرة جميلة؛ فأخرج إليّ طعام و دعيت إلى
أكله، فلم يكن فيّ فضل إلّا أنّي كرهت أن أنسب إلى سوء العشرة، فأصبت منه إصابة
معذّر [6]، ثم جيء بالنبيذ فجعلنا نشرب، و أخرجن إليّ ثلاث جوار لهنّ فغنّين غناء
[1]
كذا في ط، ء، ح. و في سائر الأصول: «نوهت» بالنون، و هو تصحيف.
[2] الفجاج:
جمع فجّ و هو الطريق الواسع الواضح بين جبلين و هو أوسع من الشعب. و في ط، ء، ح:
«في أعاصير العجاج» بالعين المهملة بدل الفاء.