فطرب و استعاده
و أمر له بعشرين ألف درهم، فلما كان بعد سنين [1]، خطر ببالي ذلك الصوت و ذكرت
قصّته، فغنّيته إياه؛ فطرب و شرب، ثم قال لي: يا إسحاق، كأني في نفسك ذكرت حديث
أبيك و أنّي أعطيته ألف دينار على هذا الصوت فطمعت في الجائزة!؛ فضحكت ثم قلت: و
اللّه يا سيّدي ما أخطأت؛ فقال: قد أخذ ثمنه أبوك مرّة فلا تطمع؛ فعجبت من قوله،
ثم قلت: يا سيّدي، قد أخذ أبي منك أكثر من مائتي [2] ألف دينار ما رأيتك ذكرت منها
غير هذا الألف على بختي [3] أنا؛ فقال: ويحك! أكثر من مائتي [2] ألف دينار؟! قلت:
إي و اللّه!؛ فوجم و قال:
أستغفر اللّه
من ذلك، ويحك! فما الذي خلّف منها؟ قلت: خلّف/ عليّ ديونا مبلغها خمسة آلاف دينار
قضيتها عنه؛ فقال: ما أدري أيّنا أشدّ تضييعا! و اللّه المستعان.
الشعر ينسب إلى
مضرّس بن قرط [6] الهلاليّ و إلى قيس بن ذريح، و فيه بيت يقال: إنه لجرير. و
الغناء مختلط في أشعار الثلاثة المذكورين، و نسبته تأتي في أخبار قيس بن ذريح، إلا
أن الغناء في هذه الثلاثة الأبيات لمعبد ثقيل أوّل بالخنصر في [7] مجرى البنصر عن
إسحاق.
رأى و هو في
سرداب له سنورتين تغنيان فحفظ الصوت:
أخبرني عمّي
قال حدّثني عبد اللّه بن أبي سعد قال حدّثتني نشوة الأشنانية [8] قالت أخبرني أبو
عثمان يحيى المكيّ قال:
تشوّق يوما
إبراهيم الموصليّ إلى سرداب له، و كانت فيه بركة ماء تدخل من موضع إليه و تخرج إلى
بستان، فقال: أشتهي أن أشرب يومي و أبيت ليلتي في هذا/ السرداب ففعل ذلك، فبينا هو
نائم في نصف الليل فإذا
[3] قال صاحب
«المصباح»: البخت: الحظ وزنا و معنى و هو أعجميّ و من هنا توقف بعضهم في كون البخت
التي هي أصل البخاتي (أي الإبل) عربية. و في «الصحاح» و «القاموس» و «شرحه»: أنه
معرّب أو مولد. و في «شفاء الغليل» و «اللسان»: أن العرب تكلمت به. و قال
الأزهريّ: لا أدري أ عربيّ هو أم لا.
[4] كذا في
ط، ء، و هو الموافق لما جاء في «الأمالي» (ج 2 ص 257 طبع دار الكتب المصرية). و في
سائر الأصول: «مخشيّ العجاج سحيق».
[5] الهدايا:
ما يهدي إلى البيت الحرام من النعم لتنحر. و المشعرات: المعلمات بعلامة يعرف بها
أنها هدى.
[6] كذا في
ط، ء و «الأمالي». و في سائر الأصول: «قرظة» و هو تحريف.
[7] كذا في
ط، ء، م. و في سائر الأصول: «ثقيل أول بالخنصر و مجرى البنصر».