غنّى فيه ابن
عبّاد ثاني ثقيل مطلق في مجرى البنصر في الأوّل و الرابع من الأبيات، و ذكر عمرو
بن بانة أنه لابن محرز، و من الناس من ينسبه إلى ابن سريج في هذه الطريقة في
الأوّل و الثاني، و ذكر ابن المكّيّ أنه للغريض ثاني قيل بالخنصر في مجرى البنصر،
و وافقه يونس. و ذكر أنّ في هذا الشعر لابن سريج و الغريض لحنين في الخمسة
الأبيات. و ذكر حبش أنّ فيها لمعبد ثقيلا أوّل بالوسطى، و لعبد اللّه بن العباس
الرّبيعيّ ثاني قيل بالوسطى، و للغريض خفيف رمل بالوسطى، و لسليم ثقيل أوّل
بالوسطى. و ذكر أحمد بن عبيد أن فيه رملا لابن جامع في البيت الأوّل وحده، و أنّ
فيه هزجا لا يعرف صانعه.
غنت جارية
للأمين من شعره فتطير:
أخبرني أحمد بن
جعفر جحظة قال حدّثني هبة اللّه بن إبراهيم بن المهديّ قال حدّثني أبي قال:
أرسل إليّ محمد
بن زبيدة في ليلة من ليالي الصيف مقمرة: يا عم إنّ الجرب بيني و بين طاهر بن
الحسين قد سكنت، فصر إليّ، فإني إليك مشتاق؛ فجئته/ و قد بسط له على سطح زبيدة، و
عنده سليمان بن جعفر عليه كساء روذباريّ [1] و قلنسوة طويلة، و جواريه بين يديه، و
ضعف» جاريته عنده، فقال لها: غنّيني فقد سررت بعمومتي؛ فاندفعت تغنّيه:
هم قتلوه كي يكونوا مكانه
كما فعلت يوما بكسرى مرازبه
بني هاشم كيف التواصل بيننا
و عند أخيه سيفه و نجائبه
هكذا غنّت؛ و
إنما هو:
و عند عليّ سيفه و نجائبه
فغضب و تطيّر و
قال لها: ما قصّتك ويحك! انثنى و انتهي و غنّيني ما يسرّني! فاندفعت و غنّت:
هذا مقام مطرد
هدمت منازله و دوره
فازداد تطيّرا،
ثم قال لها: ويحك! انتهي، غنّيني غير هذا، فغنّت:
كليب لعمري كان أكثر ناصرا
و أيسر جرما منك ضرّج بالدّم
فقال لها: قومي
إلى لعنة اللّه! فوثبت و كان بين يديه قدح بلّور و كان لحبّه إيّاه سمّاه باسمه
محمدا، فأصابه طرف ذيلها فسقط على بعض الصواني فانكسر و تفتّت؛ فأقبل عليّ و قال:
أرى و اللّه يا عمّ أن هذا آخر أيامنا؛ فقلت:
كلا! بل يبقيك
اللّه يا أمير المؤمنين و يسرّك؛ قال: و دجلة و اللّه يا بنيّ هادئة ما فيها صوت
مجداف و لا أحد يتحرّك و هي كالطّست هادئة، فسمعت هاتفا يهتف: «قضي الأمر الّذي
فيه تستفتيان». قال: فقال لي: أسمعت ما سمعت يا عمّ؟ فقلت: و ما هو؟ و قد و اللّه
سمعته- فقال: الصوت الذي جاء الساعة من دجلة؛ فقلت: ما سمعت شيئا،/ و ما هذا إلّا
توهّم؛ فإذا الصوت قد عاد يقول: «قضي الأمر الذي فيه تستفتيان». فقال: انصرف يا عمّ
بيّتك اللّه بخير، فمحال ألّا تكون الآن قد سمعت ما سمعت؛ فانصرفت، و كان/ آخر
العهد به.
[1]
روذباري: نسبة إلى روذبار و هو اسم يطلق على مواضع كثيرة في أصبهان و بغداد و
غيرهما.