فقال ابن
ميّادة: و هل عندك جراء [4]؟ ثكلتك أمّك! أنت ألأم من ذلك! ما قلت إلّا مازحا.
أخبرنا [به]
[5] وكيع قال حدّثنا محمد بن إسماعيل قال قال عبد العزيز بن عمران:
اجتمع ابن هرمة
و ابن ميّادة عند جميع بن عمر بن الوليد، فقال ابن ميّادة لابن هرمة: قد كنت أحبّ
أن ألقاك.
ثم ذكر نحوه.
أنكر عليه أن
تمضغ الناطف مع قدوم وزير فحمله و تلقى به الموكب:
و قال هارون بن
محمد بن عبد الملك حدّثنا عليّ بن محمد بن سليمان النّوفليّ قال حدّثني أبو سلمة
الغفاريّ عن أبيه قال:
وفدت على
المهديّ في جماعة من أهل المدينة، و كان فيمن وفد يوسف بن موهب [6] و كان في رجال
بني هاشم من بني نوفل، و كان معنا ابن هرمة؛ فجلسنا يوما على دكّان قد هيّئ لمسجد
و لم يسقّف، في عسكر المهديّ؛ و قد كنّا نلقى الوزراء و كبراء/ السلطان، و كانوا
قد عرفونا؛ و إذا حيال الدّكّان رجل بين يديه ناطف [7] يبيعه في يوم شات شديد
البرد، فأقبل إذ ضربه بفأسه فتطاير جفوفا؛ فأقبل ابن هرمة علينا، فقال ليوسف: يا
ابن عمّ رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلّم- أ ما معك درهم نأكل به من هذا الناطف؟
فقال له: متى عهدتني أحمل الدّراهم! قال: فقلت له:
لكنّي أنا معي،
فأعطيته/ درهما خفيفا [8]، فاشترى به ناطفا على طبق للنّاطفيّ فجاء بشيء كثير،
فأقبل يتمضّغه
[1]
يقال: ملأ فلان عنان جواده إذا أعداه و حمله على الحضر الشديد.
[2] كذا في
ء. ط. و المناقل: السريع نقل القوائم. و في سائر الأصول: «مثاقل» بالثاء المثلثة و
هو تصحيف.
[6] في
«اللسان» و «القاموس» و «شرحه» مادّة وهب: «و موهب كمقعد اسم. قال سيبويه: جاءوا
به على مفعل (بالفتح) لأنه اسم ليس على الفعل؛ إذ لو كان على الفعل لكان مفعلا
(بكسر العين). فقد يكون ذلك لمكان العلمية؛ لأن الأعلام مما تغير القياس» اه.
[7] الناطف:
نوع من الحلواء. و قال الجوهري: هو القبّيط لأنه يتنطف قبل استضرابه أي يقطر قبل
خثورته. و جعل النابغة الجعدي الحمر ناطفا فقال:
و بات فريق ينضحون كأنما
سقوا ناطفا من أذرعات مفلفلا
و كذلك جعلها
ابن هرمة، كما سيأتي قريبا في ص 373.
[8] يريد
بذلك الدراهم الصغار ذات الوزن الخفيف. قال المقريزي في كتابه «شذور العقود في ذكر
النقود» (ص 16 طبع أوروبا): «و كان الناس قبل عبد الملك يؤدّون زكاة أموالهم شطرين
من الكبار و الصغار. فلما اجتمعوا مع عبد الملك على ما عزم عليه عمد إلى درهم واف،
فوزنه فإذا هو ثمانية دوانيق، و إلى درهم من الصغار فإذا هو أربعة دوانيق، فجمعها
و حمل زيادة الأكبر على نقص الأصغر و جعلهما درهمين متساويين زنة كل منهما ستة
دوانيق سواء» اه. ثم قال: «صنع عبد الملك في الدراهم ثلاث فضائل:
الأولى أن كل
سبعة مثاقيل زنة عشرة دراهم و الثانية أنه عدل بين كبارها و صغارها حتى اعتدلت و
صار الدرهم ستة دوانيق. و الثالثة أنه موافق لما سنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
سلّم في فريضة الزكاة بغير وكس و لا إشطاط؛ فمضت بذلك السنة و اجتمعت عليه الأمة
...