فقال: هو عليل؛ فعاد إليه فقال الرسول: لا بدّ من أن تجيء؛ فجاء به
محمولا في محفّة؛ فحدّثنا ساعة ثم غنّى.
فكان فيما
غنّى:
تقول عرسي إذ نبا المضجع
ما بالك الليلة لا تهجع
فاستحسنّاه منه
و استعدناه منه مرارا؛ ثم انصرف و مات في علّته تلك؛ و كان آخر العهد به ذلك
المجلس.
روى قصة فتى
عاشق غناه هو و عشيقته فبعثت إليه مهرها ليخطبها إلى أبيها:
أخبرني أحمد بن
جعفر جحظة قال حدّثني محمد بن أحمد بن يحيى المكّيّ قال حدّثني أبي عن فليح بن أبي
العوراء قال:
كان بالمدينة
فتى يعشق ابنة عمّ له، فوعدته أن تزوره. و شكا إليّ أنّها تأتيه و لا شيء عنده،
فأعطيته دينارا للنفقة. فلمّا زارته قالت له: من يلهّينا؟ قال: صديق لي، و وصفني
لها، و دعاني فأتيته؛ فكان أوّل ما غنّيته:
فقامت إلى
ثوبها فلبسته لتنصرف؛ فعلق بها و جهد بها كلّ الجهد في أن تقيم، فلم تقم و انصرفت.
فأقبل عليّ يلومني في أن غنّيتها ذلك الصوت. فقلت: و اللّه ما هو شيء اعتمدت به
مساءتك، و لكنه شيء اتّفق. قال: فلم نبرح حتى عاد رسولها بعدها و معه صرّة فيها
ألف/ دينار و دفعها إلى الفتى و قال له: تقول لك ابنة عمّك: هذا مهري ادفعه إلى
أبي، و اخطبني؛ ففعل فتزوّجها.