عروضه من المتقارب. الشعر و الغناء لأبي سعيد مولى فائد، و لحنه من
الثقيل الأوّل بالبنصر من رواية عمرو بن بانة و إسحاق و غيرهما.
و مما قاله
فيهم و غنّى فيه على أنّه قد نسب إلى غيره:
صوت
أثّر الدهر في رجالي فقلّوا
بعد جمع فراح عظمي مهيضا/
ما تذكّرتهم فتملك عيني
فيض غرب و حقّ لي أن تفيضا
/ الشعر و الغناء لأبي سعيد خفيف ثقيل بالوسطى
عن ابن المكيّ و الهشاميّ. و روى الشّيعيّ عن عمر بن شبّة عن إسحاق أنّ الشعر
لسديف و الغناء للغريض. و لعلّه و هم.
و منها:
صوت
أولئك قومي بعد عزّ و منعة
تفانوا فإلّا تذرف العين أكمد
كأنّهم لا ناس للموت غيرهم
و إن كان فيهم منصفا غير معتدي
الشعر و الغناء
لأبي سعيد. و فيه لحن لمتيّم.
ركب المأمون
إلى جبل الثلج فغناه علوية بشعر ندب فيه بني أمية فسبه ثم كلم فيه فرضي:
أخبرني عبد
اللّه بن الرّبيع قال حدّثنا أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم قال حدّثني عمّي طيّاب بن
إبراهيم قال:
ركب المأمون
بدمشق يتصيّد حتّى بلغ جبل الثّلج، فوقف في بعض الطريق على بركة عظيمة في جوانبها
أربع سروات [1] لم ير أحسن منها و لا أعظم، فنزل المأمون و جعل ينظر إلى آثار بني
أميّة و يعجب منها و يذكرهم، ثم دعا بطبق عليه بزماورد [2] و رطل نبيذ؛ فقام
علّويه فغنّى:
أولئك قومي بعد عزّ و منعة
تفانوا فإلّا تذرف العين أكمد
/ قال: فغضب المأمون و أمر برفع الطبق، و قال:
يا ابن الزانية! أ لم يكن لك وقت تبكي فيه على قومك إلّا هذا الوقت! قال: نعم أبكي
عليهم! مولاكم زرياب [3] يركب معهم في مائة غلام، و أنا مولاهم معكم أموت جوعا!
[2]
البزماورد: طعام يسمى لقمة القاضي، و فخذ الست، و لقمة الخليفة، و هو مصنوع من
اللحم المقلي بالزبد و البيض. و في «شفاء الغليل»: «زماورد» و العامة تقول:
«بزماورد»: كلمة فارسية استعملتها العرب للرقاق الملفوف باللحم.
[3] زرياب:
هو علي بن نافع المغني مولى المهدي و معلم إبراهيم الموصلي، صار إلى الشأم ثم صار
إلى المغرب إلى بني أمية، فقدم الأندلس على عبد الرحمن الأوسط سنة 136 ه فركب
بنفسه لتلقيه، كما حكاه ابن خلدون. و زرياب لقب غلب عليه ببلده، لسواد لونه مع
فصاحة لسانه، شبه بطائر أسود غرّاد. و كان شاعرا مطبوعا و أستاذا في الموسيقى.
(انظر «شرح القاموس» مادة زرب، «و تاريخ بغداد» لابن طيفور ج 6 ص 284 طبع أوروبا).