قال إسحاق:
فعجبت و اللّه من علمه بالألحان و الأشعار، و إذا اللحن يشبه لحن الدّلال، قال: و
كذلك الشعر؛ فاغتممت أنّي لم أكن فهمت اللحن، و كان ذلك أشدّ عليّ من ذهاب أمر
الشعر عليّ، و أنا و اللّه مع ذلك أغنّي الصوتين و أحفظ الشعرين. قال الحسين: و
لحن الدّلال في شعر أبي زبيد هذا من خفيف الثقيل أيضا.
صادف طريح
أبا ورقاء في سفر فأنس به و ذكر له قصته مع أعرابي عاشق:
أخبرني يحيى بن
عليّ بن يحيى إجازة قال حدّثني أبو الحسن البلاذريّ أحمد بن يحيى و أبو أيّوب
المدينيّ، قال البلاذريّ و حدّثني الحرمازيّ، و قال أبو أيّوب [3] و حدّثونا عن
الحرمازيّ قال حدّثني أبو القعقاع سهل [4] بن عبد الحميد عن أبي ورقاء الحنفيّ
قال:
/ خرجت من
الكوفة أريد بغداد، فلمّا صرت إلى أوّل خان نزلته، بسط غلماننا و هيّئوا غداءهم، و
لم يجيء أحد بعد، إذ رمانا الباب برجل فاره البرذون [5] حسن الهيئة، فصحت
بالغلمان، فأخذوا دابّته فدفعها إليهم، و دعوت بالغداء، فبسط يده غير محتشم، و
جعلت لا أكرمه بشيء إلا قبله. ثم جاء غلمانه بعد ساعة في ثقل [6] سريّ و هيئة
حسنة. فتناسبنا [7] فإذا الرجل طريح بن إسماعيل الثّقفيّ. فلمّا ارتحلنا في قافلة
غنّاء لا يدرك طرفاها. قال:
فقال لي: ما
حاجتنا إلى زحام الناس و ليست بنا إليهم وحشة و لا علينا خوف! نتقدّمهم بيوم فيخلو
لنا الطريق و نصادف الخانات فارغة و نودع أنفسنا إلى أن يوافوا. قلت: ذلك إليك.
قال: فأصبحنا الغد فنزلنا الخان فتغدّينا و إلى جانبنا نهر ظليل؛ فقال: هل لك أن
نستنقع [8] فيه؟ فقلت له: شأنك. فلمّا سرا [9] ثيابه إذا [ما] بين عصعصه إلى [10]
عنقه ذاهب، و في جنبيه أمثال الجرذان، فوقع في نفسي منه شيء [11]. فنظر إليّ ففطن
و تبسّم، ثم قال: قد
[1]
كذا في أكثر الأصول. و المروري على وزن فعلعل: جمع مروراة و هي الفلاة البعيدة
المستوية. ( «معجم ما استعجم» ص 520).
و في ح «و
الشعر و الشعراء» (ص 167): «المروي». و المروّي (بضم أوّله و فتح ثانيه بعده واو
مشدّدة مفتوحة): موضع. ( «معجم ما استعجم» ص 526).
[2] في
«ديوان زهير» (طبعة دار الكتب ص 114): «فلم يفعلوا». و في س: «فلم يفعلوا و لم
يليموا». أي لم يأتوا ما يلامون عليه، أو لم يلاموا، حين لم يبلغوا منزلة هؤلاء
القوم لأنها أعلى من أن تبلغ؛ فهم معذورون في التقصير عنها و التوقف دونها، و هم
مع ذلك لم يألوا أي لم يقصروا في السعي بجميل الفعل.
[3] كذا في
ء، ط، م. و في سائر الأصول: «و قال أبو أيوب و حدّثني الحرمازي ... إلخ».