كان الأحوص بن محمد الأنصاريّ قد أوسع قومه هجاء فملاهم شرّا، فلم
يبق له فيهم صديق، إلّا فتى من بني جحجبى [1]. فلمّا أراد الأحوص الخروج إلى يزيد
بن عبد الملك، نهض الفتى في جهاره و قام بحوائجه و شيّعه؛ فلمّا كان بسقاية سليمان
و ركب الأحوص محمله، أقبل على الفتى فقال: لا أخلف اللّه عليك بخير! فقال:/ مه!
غفر اللّه لك! قال الأحوص: لا و اللّه أو أعلّقها حربا! يعني قباء [2] و بني عمرو
بن عوف.
هجا معن بن
حميد الأنصاريّ فعفا عنه ثم هجا ابن أبي جرير فأهاله و هدّده:
أخبرني أحمد بن
عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني محمد بن يحيى قال قال غسّان بن عبد
الحميد:
أقبل الأحوص
حتّى وقف على معن بن حميد الأنصاريّ، أحد بني عمرو بن عوف بن جحجبى، فقال:
فقام إليه بنوه
و مواليه؛ فقال: دعوا الكلب، خلّوا عنه، لا يمسّه أحد منكم؛ فانصرف. حتّى إذا كان
عند أحجار المراء بقباء لقيه ابن أبي جرير أحد بني العجلان، و كان شديدا ضابطا
[4]؛ فقال له الأحوص:
إنّ بقوم سوّدوك لحاجة
إلى سيّد لو يظفرون بسيّد
فألقى ثيابه و
أخذ بحلق الأحوص، و مع الأحوص راويته، و جاء الناس [ليخلّصوه] [5]، فحلف لئن
خلّصه أحد من يديه ليأخذنّه و ليدعنّ الأحوص؛ فخنقه حتى استرخى، و تركه حتى أفاق؛
ثم قال له: كلّ مملوك لي حرّ، لئن [6] سمع أو سمعت هذا البيت من أحد من الناس
لأضربنّك ضربة بسيفي أريد بها نفسك و لو كنت/ تحت أستار الكعبة. فأقبل الأحوص على
راويته فقال: إنّ هذا مجنون، و لم يسمع هذا البيت غيرك؛ فإيّاك أن يسمعه منك خلق.
لقي عباد بن
حمزة و محمد بن مصعب فلم يهشا له ثم تهدّداه إن هجاهما:
أخبرني الحرميّ
و الطّوسيّ قالا حدّثنا الزّبير بن بكّار قال حدّثني بعض أصحابنا:
-
أن يراش و ينصل. و القضب: كل شجر سبطت أغصانه و طالت، و ما قطع من الأغصان للسهام
أو القسيّ. (انظر «القاموس» و «شرحه» مادتي علث و قضب).
[1] جحجبى بن
كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس و هو جدّ أحيحة بن الجلاح اليثربي:
حي من الأنصار ثم من الأوس. (انظر «القاموس» و «شرحه» مادة جحجب).