«سيروا على بركة اللّه و أبشروا؛ فإنّ اللّه قد وعدني إحدى الطائفتين
[1]، و اللّه لكأنّي أنظر إلى مصارع القوم».
نزول النبيّ
قريبا من بدر و سؤاله شيخا عن قريش:
ثم ارتحل رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من ذفران [2]، و سلك على ثنايا يقال لها/ الأصافر
[3]، ثم انحطّ منها على بلد يقال له الدّبّة [4]، ثم ترك الحنّان [5] بيمين، و هو
كثيب عظيم كالجبل، ثم نزل قريبا من بدر، فركب هو و رجل من أصحابه- قال الطبريّ [6]
قال محمد بن إسحاق: حدّثني محمد بن يحيى بن حبّان- حتّى وقف على شيخ من العرب،
فسأله عن قريش و عن محمد و أصحابه و ما بلغه عنهم؛ فقال الشيخ: لا أخبركما حتى
تخبراني ممن [7] أنتما. فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إذا أخبرتنا
أخبرناك». فقال: أو ذاك بذاك؟ فقال: «نعم». قال الشيخ: فإنّه بلغني أنّ محمدا و
أصحابه خرجوا يوم كذا و كذا؛ فإن كان صدقني الذي أخبرني، فهم اليوم بمكان كذا و
كذا (للمكان الذي به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم). و بلغني أنّ قريشا خرجوا
يوم كذا و كذا؛ فإن كان الذي حدّثني صدقني، فهم اليوم بمكان كذا و كذا (للمكان
الذي به قريش). فلمّا فرغ من خبره قال: ممن أنتما؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم: «نحن من ماء»، ثم انصرف الشيخ عنه. قال يقول الشيخ: ما من ماء؟ أ من
ماء العراق؟ ثم رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى أصحابه.
أرسل النبي
نفرا من أصحابه إلى بدر يلتمسون له الخير:
فلما أمسى بعث
عليّ بن أبي طالب، رضي اللّه عنه، و الزبير بن العوّام، و سعد بن أبي وقّاص في نفر
من أصحابه إلى بدر يلتمسون له الخبر عليه-.
قبض هؤلاء
النفر على غلامين لقريش و معرفة أخبارهم منهما:
قال محمد بن
إسحاق: حدّثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزّبير:- فأصابوا راوية [8] لقريش فيها
أسلم غلام
[1]
يشير إلى قوله تعالى في سورة الأنفال: (وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ
تَكُونُ لَكُمْ وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ
يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ). و الطائفتان هما العير و هم ركب أبي سفيان،
و النفير و هم أهل مكة الذين نفروا لمساعدته.
[5] كذا في
«السيرة و معجم البلدان» لياقوت. و في جميع الأصول: «ثم نزل الحيان» و هو تحريف.
[6] كذا في
الطبري و «السيرة». و في جميع الأصول وردت هذه العبارة هكذا: «قال الطبري: قال
محمد بن إسحاق حدّثني محمد بن إسحاق حدّثني محمد بن يحيى بن حبان ... إلخ». و محمد
بن إسحاق المكرر هنا شخص واحد، و هو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب «السيرة» الذي
ينقل عنه الطبري و الذي يروى عن محمد بن يحيى بن حبان. (راجع «تهذيب التهذيب» و
«تراجم» من روى عنهم محمد بن إسحاق المطبوع بليدن).