فالتفت إليه فقلت له: أنت أبو العتاهية؟ فقال: لا، أنا أبو إسحاق.
فقلت له: أنشدني شيئا من شعرك؛ فقال لي:
ما أحمقك! نحن
على سفر و على شفير قبر، و في أيام العشر، و ببلدكم هذا تستنشدني الشعر! ثم أدبر
عنّي ثم عاد إليّ فقال: و أخرى أزيدكها، لا و اللّه ما رأيت في بني آدم قطّ أسمج
منك وجها! قال النوفليّ في خبره: و صدق أبو العتاهية، كان مساور هذا مقبّحا طويل
الوجه كأنّه ينظر في سيف.
حجبه حاجب
يحيى بن خاقان فقال شعرا فاسترضاه فأبى:
أخبرني عمّي
الحسن بن محمد و جحظة قالا حدّثنا ميمون بن هارون قال:
قدم أبو
العتاهية يوما منزل يحيى بن خاقان، فلمّا قام بادر له الحاجب فانصرف. و أتاه يوما
آخر فصادفه حين نزل، فسلّم عليه و دخل إلى منزله و لم يأذن له؛ فأخذ قرطاسا و كتب
إليه:
أراك تراع حين ترى خيالي
فما هذا يروعك من خيالي
لعلّك خائف منّي سؤال
ألا فلك الأمان من السؤال
كفيتك إنّ حالك لم تمل بي
لأطلب مثلها بدلا بحالي
و إنّ اليسر مثل العسر عندي
بأيّهما منيت فلا أبالي
فلمّا قرأ
الرّقعة أمر الحاجب بإدخاله إليه، فطلبه فأبى أن يرجع معه، و لم يلتقيا بعد ذلك.
كان بينه و
بين أبي الشمقمق شرّ:
أخبرني عبد
اللّه بن محمد الرّازيّ قال حدّثنا أحمد بن الحارث قال حدّثنا المدائنيّ قال:
/ اجتمع أبو
نواس و أبو الشّمقمق في بيت ابن أذين، و كان بين أبي العتاهية و بين أبي الشّمقمق
شرّ، فخبّئوه من أبي العتاهية في بيت. و دخل أبو العتاهية فنظر إلى غلام عندهم فيه
تأنيث [1]، فظنّ أنّه جارية، فقال لابن أذين: متى استطرفت [2] هذه الجارية؟ فقال:
قريبا يا أبا إسحاق، فقال: قل فيها ما حضر؛ فمدّ أبو العتاهية يده إليه و قال:
مددت كفّي نحوكم سائلا
ما ذا تردّون على السائل
فلم يلبث أبو
الشمقمق حتى ناداه من البيت:
نردّ في كفّك ذا فيشة
يشفي جوى في استك من داخل
فقال أبو
العتاهية: شمقمق و اللّه! و قام مغضبا.
استنشد ابن
أبي أمية شعره و مدحه:
أخبرني أحمد بن
عبيد اللّه بن عمّار قال حدّثنا عليّ بن محمد النّوفليّ قال حدّثني سليمان بن
عبّاد قال حدّثنا سليمان بن مناذر قال:
كنّا عند جعفر
بن يحيى و أبو العتاهية حاضر في وسط المجلس؛ فقال أبو العتاهية لجعفر: جعلني اللّه
فداك!