فقلت نعم.
فقال: غنّه. فملت معه إلى خراب، فيه قوم فقراء سكّان، فغنّيته إياه؛ فقال: أحسنت و
اللّه! منذ ابتدأت حتّى سكتّ؛ ثم قال لي: أما ترى ما فعل الملك بأهل هذا الخراب!
شعره في
تبخيل الناس:
أخبرني جحظة
قال حدّثني ميمون بن هارون قال:
قال مخارق:
لقيت أبا العتاهية على الجسر،/ فقلت له: يا أبا إسحاق، أ تنشدني قولك في تبخيلك
الناس كلّهم؟ فضحك و قال لي: هاهنا؟ قلت نعم. فأنشدني:
إن كنت متّخذا خليلا
فتنقّ و انتقد الخليلا
من لم يكن لك منصفا
في الودّ فابغ به بديلا
و لربّما سئل البخي
ل الشيء لا يسوى فتيلا
/ فيقول
لا أجد السّبي
ل إليه يكره أن ينيلا
فلذاك لا جعل الإل
ه له إلى خير سبيلا
فاضرب بطرفك حيث شئ
ت فلن ترى إلّا بخيلا
فقلت له: أفرطت
يا أبا إسحاق! فقال: فديتك! فأكذبني بجواد واحد. فأحببت موافقته، فالتفتّ يمينا و
شمالا ثم قلت: ما أجد. فقبّل بين عينيّ و قال: فديتك يا بنيّ! لقد رفقت حتى كدت
تسرف.
كان بعد
تنسكه يطرب لحديث هارون بن مخارق:
أخبرني محمد بن
خلف وكيع قال حدّثني هارون بن مخارق قال:
كان أبو
العتاهية لمّا نسك يقول لي: يا بنيّ، حدّثني؛ فإن ألفاظك تطرب كما يطرب غناؤك.
جفاه أحمد بن
يوسف فعاتبه بشعر:
أخبرني عليّ بن
صالح بن الهيثم الأنباريّ قال حدّثني أبو هفّان قال حدّثني موسى بن عبد الملك قال:
كان أحمد بن
يوسف صديقا لأبي العتاهية، فلمّا خدم المأمون و خصّ به، رأى منه أبو العتاهية
جفوة، فكتب إليه:
أبا جعفر إنّ الشريف يشينه
تتايهه على الأخلّاء بالوفر
أ لم تر أنّ الفقر يرجى له الغنى
و أنّ الغنى يخشى عليه من الفقر
فإن نلت تيها بالذي نهلت من غنى
فإنّ غناي في التجمّل و الصبر
قال: فبعث إليه
بألفي درهم، و كتب إليه يعتذر مما أنكره.