لا. قال: هل كنت تعرف مقدار ما يحتاج كلّ واحد منهم إلى أن يخرجه على
قدر طبعه، مما إذا زدت فيه أو نقصت منه ضرّ المحجوم؟ قال لا. قال: فما أراك إلا
أردت أن تتعلّم الحجامة على أقفاء اليتامى و المساكين!
أراد حمدوية
صاحب الزنادقة أخذه فتستر بالحجامة:
أخبرني محمد بن
يحيى الصّوليّ قال حدّثنا أبو ذكوان قال حدّثنا العبّاس بن رستم قال: كان حمدويه
صاحب الزّنادقة قد أراد أن يأخذ أبا العتاهية، ففزع من ذلك و قعد حجّاما.
/ أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال قال أبو دعامة عليّ بن يزيد:
أخبر يحيى بن خالد أنّ أبا العتاهية قد نسك، و أنه جلس يحجم النّاس للأجر تواضعا
بذلك. فقال: أ لم يكن يبيع الجرار قبل ذلك؟ فقيل له بلى. فقال: أ ما في بيع الجرار
من الذّلّ ما يكفيه و يستغنى به عن الحجامة!
سئل عن خلق
القرآن فأجاب:
أخبرني محمد بن
يحيى قال حدّثني شيخ من مشايخنا قال حدّثني أبو شعيب صاحب ابن أبي دواد قال:
قلت لأبي
العتاهية: القرآن عندك مخلوق أم غير مخلوق؟ فقال: أ سألتني عن اللّه أم عن غير
اللّه؟ قلت: عن غير اللّه، فأمسك. و أعدت عليه فأجابني هذا الجواب، حتى فعل ذلك
مرارا. فقلت له: ما لك لا تجيبني؟ قال: قد أجبتك و لكنّك حمار.
أوصافه و
صناعته:
أخبرني محمد بن
يحيى قال حدّثنا شيخ من مشايخنا قال حدّثني محمد بن موسى قال:
كان أبو
العتاهية قضيفا [1]، أبيض اللون، أسود الشعر، له وفرة [2] جعدة، و هيئة حسنة و
لباقة و حصافة، و كان له عبيد من السّودان، و لأخيه زيد أيضا عبيد منهم يعملون
الخزف في أتّون [3] لهم؛ فإذا اجتمع منه شيء ألقوه على أجير لهم يقال له أبو
عباد/ اليزيديّ من أهل طاق [4] الجرار بالكوفة، فيبيعه على يديه و يردّ فضله
إليهم. و قيل: بل كان يفعل ذلك أخوه زيد لا هو؛ و سئل عن ذلك فقال: أنا جرّار
القوافي، و أخي جرّار التّجارة.
قال محمد بن
موسى: و حدّثني عبد اللّه بن محمد قال حدّثني عبد الحميد بن سريع مولى بني عجل
قال:
أنا رأيت أبا
العتاهية و هو جرّار يأتيه الأحداث و المتأدّبون فينشدهم أشعاره، فيأخذون ما تكسّر
من الخزف فيكتبونها فيها.
كان يشم أبا
قابوس و يفضل عليه العتابيّ فهجاه:
حدّثني محمد بن
يحيى الصّوليّ قال حدّثني عون بن محمد الكنديّ قال حدّثني محمد بن عمر الجرجانيّ
قال:
[1]
كذا في ء، أ، م، و القضيف: الدقيق العظم القليل اللحم. و في ب، س: «نظيفا». و في
ح: «قصيفا» بالصاد المهملة. و الظاهر أنها مصحفة عن «قضيفا».
[2] الوفرة:
الشعر المجتمع على الرأس أو ما سال على الأذنين أو ما جاوز شحمة الأذن. و الجعدة:
التي فيها التواء و تقبض.
[3] الأتون
(بتشديد التاء): الموقد، و العامة تخففه.