و أخبرني عليّ
بن سليمان الأخفش عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ بهذه الحكاية كما ذكر أبو عمرو، و قال
فيها:
إنّ قومها
أغلوا بها الفداء، و كان معه طلق و جبار أخوه و ابن عمه، فقالا له: و اللّه لئن
قبلت ما أعطوك لا تفتقر أبدا، و أنت على النساء قادر/ متى شئت، و كان قد سكر فأجاب
إلى فدائها، فلما صحا ندم فشهدوا [5] عليه بالفداء فلم يقدر على الامتناع. و جاءت
سلمى تثني عليه فقالت: و اللّه إنك ما علمت لضحوك مقبلا كسوب مدبرا خفيف على متن
الفرس [6] ثقيل على العدوّ [7] طويل العماد كثير الرّماد راضي الأهل و الجانب [8]،
فاستوص ببنيك خيرا، ثم فارقته. فتزوّجها رجل من بني عمّها، فقال لها يوما من
الأيام: يا سلمى، أثني عليّ كما أثنيت على عروة- و قد كان قولها فيه شهر- فقالت
له: لا تكلّفني ذلك فإني إن قلت الحقّ غضبت و لا و اللّات و العزّى لا أكذب؛ فقال:
عزمت عليك لتأتيني في مجلس قومي فلتثنين عليّ بما تعلمين، و خرج فجلس في نديّ
القوم، و أقبلت فرماها القوم بأبصارهم، فوقفت عليهم و قالت: أنعموا صباحا، إنّ هذا
عزم عليّ أن أثني عليه بما أعلم. ثم أقبلت عليه فقالت:
و اللّه إنّ
شملتك لالتحاف، و إنّ شربك لاشتفاف [9]، و إنك لتنام ليلة تخاف، و تشبع ليلة تضاف،
و ما ترضي الأهل و لا الجانب، ثم انصرفت. فلامه قومه و قالوا: ما كان أغناك عن هذا
القول منها.
كان يجمع
الصعاليك و يكرمهم و يغير بهم:
أخبرني الأخفش
عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال حدّثني أبو فقعس قال:
كان عروة بن
الورد إذا أصابت الناس سنة شديدة تركوا في دارهم المريض و الكبير و الضعيف، و كان
عروة بن الورد يجمع أشباه هؤلاء من دون الناس من عشيرته في الشدّة ثم يحفر لهم
الأسراب و يكنف عليهم الكنف [10] و يكسبهم [11]، و من/ قوي منهم- إما مريض يبرأ من
مرضه، أو ضعيف تثوب قوّته- خرج به معه فأغار، و جعل
[1]
كذا في ح، و هو الموافق لما في «معجم ياقوت» من أن إمرة منزل في طريق مكة من
البصرة و هو منهل. و في سائر الأصول:
«زامرة» و هو
تحريف. و كير: جبلان في أرض غطفان.
[2] نقير:
موضع بين هجر و البصرة. و رواية «ياقوت» «أسفل ذي النقير».