قال إسحاق و
حدّثني الواقديّ قال حدّثني عبد الرحمن بن أبي الزّناد عن أبيه قال:
لما غزا النبيّ
صلّى اللّه عليه و سلّم بني النّضير و أجلاهم عن المدينة خرجوا يريدون خيبر يضربون
بدفوف و يزمرون بالمزامير و على النساء المعصفرات و حليّ الذهب مظهرين لذلك
تجلّدا، و مرّت في الظّعن [2] يومئذ سلمى امرأة عروة بن الورد [العبسي] [3]، و
كان عروة حليفا في بني عمرو بن عوف، و كانت سلمى من بني غفار، فسباها عروة من
قومها و كانت ذات جمال فولدت له أولادا و كان شديد الحب لها و كان ولده يعيّرون
بأمّهم و يسمّون بني الأخيذة- أي السّبية- فقالت: أ لا ترى ولدك يعيّرون؟ قال: فما
ذا ترين؟ قالت: أرى أن تردّني إلى قومي حتى يكونوا هم الذين يزوّجونك فأنعم [4]
لها، فأرسلت إلى قومها أن ألقوه بالخمر ثم اتركوه حتى يسكر و يثمل فإنه لا يسأل
حينئذ شيئا إلا أعطاه؛ فلقوه و قد نزل في بني النّضير فسقوه الخمر، فلما سكر سألوه
سلمى فردّها عليهم ثم أنكحوه بعد.
و يقال: إنما
جاء بها إلى بني النّضير، و كان صعلوكا يغير، فسقوه الخمر، فلما انتشى منعوه و لا
شيء معه إلا هي فرهنها، و لم يزل يشرب حتى غلقت [5]؛ فلما قال لها: انطلقي قالت:
لا سبيل إلى ذلك، قد أغلقتني. فبهذا صارت عند بني النّضير. فقال في ذلك:
/ هذه الأبيات مشهورة بأن لطويس فيها غناء، و
ما وجدته في شيء من الكتب مجنّسا فتذكر طريقته.
كان يغري بين
الأوس و الخزرج و يتغنى بالشعر الذي قيل في حروبهم:
قال إسحاق و
حدّثني المدائنيّ قال: كان طويس ولعا بالشعر الذي قالته الأوس و الخزرج في حروبهم،
و كان يريد بذلك الإغراء، فقلّ مجلس اجتمع فيه هذان/ الحيّان فغنّى فيه طويس إلا
وقع فيه شيء؛ فنهي عن ذلك، فقال:
و اللّه لا
تركت الغناء بشعر الأنصار حتى يوسّدوني التراب؛ و ذلك لكثرة تولّع القوم به، فكان
يبدي السرائر و يخرج الضغائن، فكان القوم يتشاءمون به.
[2] الظعن:
جمع ظعينة و هي المرأة في هودجها، و قد يقال للمرأة ظعينة و إن كانت في بيتها
لأنها تصير ظعينة أي مظعونا بها. و يسمى الهودج أيضا ظعينة سواء كانت فيه امرأة أم
لا.