/ فلما وصلت الأبيات إليه جزع ثم قال: صدق و
اللّه، لو لأبي حفص يقول: إنّ مصعبا تزوج امرأتين بألفي ألف درهم لارتاع، إنّا
بعثنا مصعبا إلى العراق فأغمد سيفه و سلّ أيره و سنعزله، فدعا بابنه حمزة، و أمّه
بنت منظور بن زبّان الفزاريّ و كان لها منه محلّ لطيف، فولّاه البصرة و عزل مصعبا.
فبلغ قوله عبد الملك في أخيه مصعب، فقال:
لكنّ أبا خبيب
أغمد سيفه و أيره و خيره.
عزل ابن
الزبير ابنه حمزة لهوجه و حمقه:
و أخبرني أحمد
بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبة قال: هذه الأبيات لعبد اللّه بن
همّام [3] السّلوليّ.
قالوا جميعا:
فلما ولي ابنه حمزة البصرة أساء السّيرة و خلّط تخليطا شديدا، و كان جوادا شجاعا
أهوج، فوفدت إلى أبيه الوفود في أمره، و كتب إليه الأحنف بأمره و ما ينكره الناس
منه و أنه يخشى أن تفسد عليه طاعتهم؛ فعزله عن البصرة.
أخبرني أحمد بن
عبد العزيز قال حدّثنا المدائنيّ قال:
لما قدم حمزة
بن عبد اللّه البصرة واليا عليها، و كان جوادا شجاعا مخلّطا: يجود أحيانا حتى لا
يدع شيئا يملكه إلا وهبه و يمنع أحيانا ما لا يمنع من مثله، فظهرت منه بالبصرة
خفّة و ضعف. و ركب يوما إلى فيض [4] البصرة، فلما رآه قال: إنّ هذا الغدير إن
رفقوا به ليكفينّهم صيفتهم هذه، فلما كان بعد ذلك ركب إليه فوافقه جازرا [5] فقال:
قد رأيته ذات يوم فظننت أن لن يكفيهم؛ فقال له الأحنف: إنّ هذا ماء يأتينا ثم يغيض
عنّا ثم يعود. و شخص إلى الأهواز فرأى جبلها، فقال: هذا قعيقعان- و قعيقعان: جبل
بمكّة- فلقّب ذلك الجبل بقعيقعان.
قال أبو زيد: و
حدّثني غير المدائنيّ أنه سمع بذكر الجبل بالبصرة، فدعا بعامله فقال له: ابعث
فأتنا بخراج الجبل؛ فقال له: إن الجبل ليس ببلد فآتيك بخراجه. و بعث إلى مردانشاه
فاستحثّه بالخراج فأبطأ به، فقام إليه بسيفه فقتله؛ فقال له/ الأحنف: ما أحدّ سيفك
أيّها الأمير! و همّ بعبد العزيز بن شبيب [6] بن خيّاط أن يضربه بالسّياط؛
[5] جازرا:
من الجزر و هو نقصان مائه، و ضدّه «المد» و هو زيادته.
[6] في
«تاريخ الطبري» (طبع مدينة ليدن- القسم الثاني ص 752). و في ابن الأثير ص 255 ج 4
«بعبد العزيز بن بشر». و قد ورد في الطبري في قسم 2 ص 802 هذا الاسم هكذا «عبد
العزيز بن بشر بن حياط»، و في ح: «بن بشير بن حياط» بالحاء المهملة. و في أ، م، ء:
«بن شبيب بن حياط» بالحاء المهملة أيضا.