/ فدعا به مولاه فقال له: يا بنيّ أعد ما سمعته
منك عليّ، فأعاده فإذا هو أحسن مما ابتدأ به، فقال: إن هذا لمن بعض ما كنت أقول،
ثم قال: أنّى لك هذا؟ قال: سمعت هذه الأعاجم تتغنّى بالفارسيّة فثقفتها [2] و
قلبتها في هذا الشعر، قال له: فأنت حرّ لوجه اللّه، فلزم مولاه و كثر أدبه و اتسع
في غنائه و مهر بمكّة و أعجبوا به لظرفه و حسن ما سمعوه منه، فدفع إليه مولاه عبيد
بن سريج، و قال له: يا بنيّ علّمه و اجتهد فيه؛ و كان ابن سريج أحسن الناس صوتا،
فتعلّم منه ثم برّز عليه حتى لم يعرف له نظير.
غناء نافع
الخير عند رجل من قريش:
أخبرني الحرميّ
بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكّار قال حدّثنا أخي هارون عن ابن الماجشون
عن شيخ من أهل المدينة، و أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان و الحسين بن يحيى قالا
أخبرنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال ذكر ابن الكلبيّ عن أبي مسكين عن شيخ من أهل
المدينة قال:
دخلت على رجل
من قريش بالمدينة و عنده رجل ساكن الطّرف نبيل تأخذه العين، لا أعرفه؛ فقال له
القرشيّ:
أقسمت عليك
إلّا ما غنّيت صوتا، فحوّل خاتمه من خنصره اليسرى إلى بنصره اليمنى، ثم تناول
قدحا، فغنّاه لحن ابن سريج في شعر كعب بن جعيل:
[1]
كذا في «لسان العرب» في مادة «عثا» و عثا: أفسد، يقال: عثا فيه المشيب أي أفسد، و
في جميع الأصول «عسا» بالسين المهملة، و لم يظهر له معنى إلا أن يكون بمعنى اشتدّ،
من قولهم: عسا النبات عسوّا أي غلظ و اشتدّ.
[5] ساجي
الطرف: فاترة ساكنه، و الأحور: الأبيض الناعم.
[6] يقال:
سكرت عينه تسكر (من باب نصر) إذا تحيرت و سكنت عن النظر. و في الأصول: «و يشكرا»
بالشين و هو تحريف.
[7] الأدماء:
من الإبل التي أشرب لونها بياضا مع سواد المقلتين.
[8] السرّ:
المحض، يقال: «هو في سر النسب» أي محضه و أفضله؛ و المهاري: جمع مهرية و هي إبل
منسوبة إلى مهرة ابن حيدان، و قيل: هي منسوبة إلى بلد، و قال الأزهري: هي نجائب
تسبق الخيل.