سعيد بن مسجح
أبو عثمان مولى بني جمح، و قيل: إنه مولى بني نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب. مكيّ
أسود، مغنّ متقدّم من فحول المغنّين و أكابرهم، و أوّل من صنع الغناء منهم، و نقل
غناء الفرس إلى غناء العرب، ثم رحل إلى الشأم و أخذ ألحان الروم و البربطيّة [1] و
الأسطوخوسيّة، و انقلب إلى فارس فأخذ بها غناء كثيرا و تعلّم الضرب، ثم قدم إلى
الحجاز و قد أخذ محاسن تلك النّغم، و ألقى منها ما استقبحه من النّبرات و النغم
التي هي موجودة في نغم غناء الفرس و الروم خارجة عن غناء العرب، و غنّى على هذا
المذهب، فكان أوّل من أثبت ذلك و لحنّه و تبعه الناس بعد.
علّم ابن
سريج و الغريض الغناء:
أخبرني محمد بن
خلف بن المرزبان، و الحسين بن يحيى قالا: حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن هشام
بن المرّيّة: أنّ أوّل من غنّى هذا الغناء العربيّ بمكّة ابن مسجح مولى بني مخزوم،
و ذلك أنه مرّ بالفرس و هم يبنون المسجد الحرام،/ فسمع غناءهم بالفارسيّة فقلبه في
شعر عربيّ؛ و هو الذي علّم ابن سريج و الغريض، و كان ابن مسجح مولّدا أسود يكنى
بأبي عيسى.
احتراق
الكعبة في عهد ابن الزبير و بناؤه لها:
أخبرني محمد بن
عبيد اللّه بن محمد الرازيّ قال حدّثنا أحمد [2] بن الحارث الخرّاز [3] عن
المدائنيّ، و ذكر إسحاق عن المدائنيّ عن أبي بكر الهذليّ قال:
كان سبب بناء
ابن الزّبير الكعبة لما احترقت، أنّ أهل الشأم لما حاصروه سمع أصواتا بالليل فوق
الجبل
[1]
كذا في الأصول. و قد رأى الأب أنستاس ماري الكرملي أن تكون هذه الكلمة محرفة عن
«البزنطية» (بضم الباء الموحدة و فتح الزاي يليها نون ساكنة بعدها طاء مكسورة ثم
ياء مثناة مشدّدة و في الآخر هاء): نسبة إلى بزنطية و هي مدينة القسطنطينية قبل أن
تبنى، و يراد بالبزنطية قوم من الروم الشرقيين عرفوا بهذا الاسم منذ عهد قسطنطين
الكبير إلى سقوط القسطنطينية بيد الترك.
ثم قال: و
أما الأسطوخوسية فيراد بهم قوم آخرون من أسطوخوس أو أسطوخادس، و هي جزيرة في
جنوبيّ فرنسا كان أهلها معروفين بالقصف و الغناء و الأنس، كما هم عليه إلى هذا
العهد، و كان سكانها خليطا من الروم و اليونانيين و القلطيّين و بقايا
الفلسطينيين.
(انظر المجلد
الثاني من «مجلة الزهراء» ص 358- 361).
[2] في جميع
الأصول: «محمد»، و قد تقدّم في مواضع متعدّدة أنّ الذي يروى عن المدائنيّ هو أحمد
بن الحارث الخرّاز و هو صاحبه و راويته.
[3] تقدم
فيما كتبناه عن هذا الاسم في (ص 171 ج 2 حاشية رقم 2) أنه الخزاز بزايين معجمتين،
اعتمادا على وروده كذلك في «فهرست ابن النديم». و قد ذكره الذهبي في «المشتبه في
أسماء الرجال» (ص 98) الخراز بالراء المهملة و آخره زاي نسبة إلى خرز الحلود، و
كذلك ذكره السمعاني في «الأنساب» (ورقة 191 في الوجه الثاني) و ذكر كلاهما أنه
راوية المدائني، و ذكره شارح «القاموس» في مادة خرز و سماه خطأ أحمد بن خلف.