قال دماذ قال لي أبو عبيدة: قال رجل يوما لبشّار في المسجد الجامع
يعابثه: يا أبا معاذ، أ يعجبك الغلام الجادل [1]؟ فقال غير محتشم و لا مكترث: لا،
و لكن تعجبني أمّه.
ورد على خالد
البرمكيّ بفارس و امتدحه:
أخبرني عمّي
قال حدّثنا العنزيّ قال حدّثني محمد بن سهل عن محمد بن الحجّاج قال:
ورد بشّار على
خالد بن برمك و هو بفارس فامتدحه؛ فوعده و مطله؛ فوقف على طريقه و هو يريد المسجد،
فأخذ بلجام بغلته و أنشده:
فحبس بغلته و
أمر له بعشرة آلاف درهم، و قال: لن تنصرف السحابة حتى تبلّك إن شاء اللّه.
تظاهر بالحج
و خرج لذلك مع سعد بن القعقاع:
أخبرني يحيى بن
عليّ قال حدّثنا الحسن بن عليل قال حدّثني عليّ بن حرب الطائيّ قال حدّثني إسماعيل
بن زياد الطائيّ قال:
كان رجل منا
يقال له سعد بن القعقاع يتندّم [3] بشّارا في المجانة، فقال لبشّار و هو ينادمه:
ويحك يا أبا معاذ! قد نسبنا الناس إلى الزّندقة، فهل لك أن تحجّ بنا حجّة تنفي ذلك
عنا؟ قال: نعم ما رأيت! فاشتريا بعيرا و محملا و ركبا، فلما مرّا بزرارة [4] قال
له: ويحك يا أبا معاذ! ثلاثمائة فرسخ متى نقطعها! مل بنا إلى زرارة نتنعّم فيها،
فإذا قفل الحاجّ عارضناهم بالقادسيّة [5] و جززنا رءوسنا فلم يشكّ الناس أنّا جئنا
من الحجّ؛ فقال له بشّار:
نعم ما رأيت لو
لا خبث لسانك، و إني أخاف أن تفضحنا. قال: لا تخف. فمالا إلى زرارة فما زالا
يشربان الخمر و يفسقان، فلما نزل الحاجّ بالقادسية راجعين، أخذا بعيرا و محملا و
جزّا رءوسهما و أقبلا و تلقّاهما الناس يهنّئونهما؛ فقال سعد بن القعقاع:
[2] الرشاش
(بكسر الراء): جمع رش (بالفتح) و هو المطر الخفيف.
[3] كذا في
أكثر الأصول، و في ب، س: «ينتدم» بتقديم النون على التاء، و لم نجد في كتب اللغة
التي بين أيدينا صيغة من هاتين الصيغتين مستعملة في المعنى الذي يدل عليه سياق
الكلام و هو كثرة المنادمة؛ و لعلها «يتقدّم بشارا في المجانة» أي أنه كان أكثر
منه مجونا.
[5]
القادسية: بلدة بينها و بين الكوفة خمسة عشر ميلا، و بينها و بين العذيب أربعة
أميال، كانت بها وقعة سعد بن أبي وقاص المشهورة مع الفرس في أيام عمر بن الخطاب
رضي اللّه عنه.