أخبرني عليّ بن
سليمان الأخفش قال حدّثني هارون بن عليّ بن يحيى المنجّم قال حدّثني عليّ بن مهديّ
قال حدّثني العبّاس بن خالد البرمكيّ قال:
كان الزّوّار
يسمّون في قديم الدّهر إلى أيّام خالد بن برمك السّؤّال؛ فقال خالد: هذا و اللّه
أستثقله [1] لطلّاب الخير، و أرفع قدر الكريم عن أن يسمّي به أمثال هؤلاء
المؤمّلين، لأنّ فيهم الأشراف و الأحرار و أبناء النّعيم و من لعلّه خير ممن يقصد
و أفضل أدبا، و لكنّا نسمّيهم الزّوّار؛ فقال بشّار يمدحه بذلك:
قال: و قال
بشّار هذا الشعر في مجلس خالد في الساعة التي تكلّم خالد بهذا الكلام في أمر
الزوّار، فأعطاه لكلّ بيت ألف درهم.
بشار و صديقه
تسنيم بن الحواري:
أخبرني عمّي
قال حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني أبو شبل عاصم [3] بن وهب قال: نهق
حمار ذات يوم بقرب بشّار، فخطر بباله بيت فقال:
/
ما قام أير حمار فامتلا شبقا
إلا تحرّك عرق في است تسنيم
/ قال: و لم يرد تسنيما بالهجاء؛ و لكنه لمّا
بلغ إلى قوله: «إلا تحرّك عرق» قال: في است من؟ و مرّ به تسنيم بن الحواري [4] و
كان صديقه، فسلّم عليه و ضحك، فقال: في است تسنيم علم اللّه؛ فقال له: أيش [5]
ويحك!؟ فأنشده البيت؛ فقال له: عليك لعنة اللّه! فما عندك فرق بين صديقك و عدوّك،
أيّ شيء حملك على هذا! أ لا قلت: «في است حمّاد» الذي هجاك و فضحك و أعياك، و
ليست قافيتك على الميم فأعذرك! قال: صدقت و اللّه في هذا كلّه، و لكن ما زلت أقول:
في است من؟ في است من؟ و لا يخطر ببالي أحد حتّى مررت و سلّمت فرزقته؛ فقال له
تسنيم: إذا كان هذا جواب السّلام عليك فلا سلّم اللّه عليك و لا عليّ حين سلّمت
عليك؛ و جعل بشّار يضحك و يصفّق بيديه و تسنيم يشتمه.
أخبرنا عيسى بن
الحسين قال حدّثنا عليّ بن محمّد النّوفليّ عن عمّه قال:
[1]
في جميع النسخ: «أستقبله»، و لكن السياق يعين ما أثبتناه.
[3] كذا في
ح. و في سائر النسخ: «عاصب» بالباء و هو تحريف، (انظر الحاشية رقم 4: ص 153 من هذا
الجزء).
[4] لم نعثر
على هذا الاسم و لا على ضبطه، و قد سمى بالحواري بفتح أوّله و ثانيه و في آخره ياء
مشددة، و بالحواري بضم أوّله و بعده واو مشددة مفتوحة وراء مفتوحة، و لم نستطع
ترجيح أحد الضبطين.
[5] أيش:
بمعنى أيّ شيء خفف منه كما يقال: ويلمه في معنى: ويل لأمه، على الحذف لكثرة
الاستعمال. و قد قيل: إنه سمع من العرب كما قيل إنه مولد.