و قال الجاحظ
في كتاب البيان و التبيين و قد ذكره: كان بشّار [شاعرا] [1] خطيبا صاحب منثور و
مزدوج [2] و سجع و رسائل، و هو من المطبوعين أصحاب الإبداع و الاختراع المفتّنين
[3] في الشعر القائلين في أكثر أجناسه و ضروبه؛ قال الشعر في حياة جرير و تعرّض
له، و حكي عنه أنه قال: هجوت جريرا فأعرض عنّي، و لو هاجاني لكنت أشعر الناس.
كان يدين
بالرجعة و يكفر جميع الأمة:
قال الجاحظ: و
كان بشّار يدين بالرّجعة [4]، و يكفّر جميع الأمّة، و يصوّب رأي إبليس في تقديم
النار على الطّين، و ذكر ذلك [5] في شعره فقال:
الأرض مظلمة و النار مشرقة
و النار معبودة مذ كانت النار
هجا واصل بن
عطاء فخطب الناس بالحادة و كان يتجنب في خطبه الراء:
قال: و بلغه عن
أبي حذيفة واصل بن عطاء إنكار لقوله و هتف به، فقال يهجوه:
/ قال: فلما تتابع على واصل منه ما يشهد على
إلحاده [9] خطب به واصل، و كان ألثغ على الراء فكان يجتنبها في كلامه، فقال: أ ما
لهذا الأعمى الملحد، أ ما لهذا المشنّف المكنيّ بأبي معاذ من يقتله؟ أما و اللّه
لو لا [أن] [10] الغيلة سجيّة من سجايا الغالية لدسست إليه من يبعج بطنه في جوف
منزله أو في حفله [11]، ثم كان لا يتولّى ذلك إلا عقيليّ أو سدوسيّ! فقال أبا معاذ
[12] و لم يقل بشّارا، و قال المشنّف و لم يقل المرعّث، و قال: من سجايا الغالية و
لم يقل الرافضة، و قال: في منزله و لم يقل في داره، و قال: يبعج بطنه و لم يقل
يبقر، للّثغة التي كانت به في الرّاء.
[3] كذا في
أكثر النسخ. و في ب، س: «المتفننين»، و كلاهما صحيح.
[4] الرجعة:
الإيمان بالرجوع بعد الموت إلى الدنيا و هو مذهب قوم من العرب في الجاهلية، و مذهب
طائفة من أولى البدع و الأهواء من المسلمين يقولون إن الميت يرجع إلى الدنيا و
يكون فيها حيا (انظر «شرح القاموس» للسيد مرتضى و «اللسان» في مادة رجع).
[5] كذا في
ط، ء و في سائر الأصول: «و ذكر مثل ذلك». بزيادة كلمة «مثل».
[6] عرف واصل
بن عطاء بالغزال لكثرة جلوسه في سوق الغزالين إلى أبي عبد اللّه مولى قطن الهلالي
(عن «البيان و التبيين» للجاحظ ج 1 ص 20).
[7] النقنق:
الظليم و هو ذكر النعام. و الدوّ: الفلاة.
[8] كذا في
ط، ء. و في باقي الأصول: «أ تكفرون رجالا أكفروا» بالهمزة في الفعلين، و كفره
بالتضعيف، و أكفره بالهمز: نسبه للكفر.
[9] كذا في
أكثر النسخ، و في ب، س: «على إلحاد» بدون الهاء.