ما قال أحد أحسن من هذا التشبيه، فمن أين لك هذا و لم تر الدنيا قطّ و لا شيئا فيها؟ فقال: إن عدم النظر يقوّي ذكاء القلب و يقطع عنه الشغل بما ينظر إليه من الأشياء فيتوفّر حسّه و تذكو قريحته؛ ثم أنشدهم قوله:
/
عميت جنينا و الذكاء من العمى
فجئت عجيب الظنّ للعلم موئلا
و غاض ضياء العين للعلم رافدا
لقلب [1] إذا ما ضيّع الناس حصّلا
و شعر كنور الروض [2] لاءمت بينه
بقول إذا ما أحزن الشعر أسهلا
أخبرنا هاشم قال حدّثنا العنزيّ عن قعنب بن محرز عن أبي عبد اللّه الشرادنيّ [3] قال: كان بشّار أعمى طويلا [ضخما] [4] آدم مجدورا.
و أخبرني يحيى بن عليّ عن أبيّ أيوب المدينيّ قال قال الحمرانيّ [5] قالت لي عمّتي: زرت قرابة لي في بني عقيل فإذا أنا بشيخ أعمى ضخم ينشد:
من المفتون بشّار بن برد
إلى شيبان كهلهم و مرد
بأن [6] فتاتكم سلبت فؤادي
فنصف عندها و النصف عندي
فسألت عنه فقيل لي: هذا بشّار.
كان يقول أزري بشعري الأذان:
/ أخبرني محمد بن يحيى الصّيرفي قال حدّثنا العنزيّ قال حدّثنا أبو زيد قال سمعت أبا محمد التّوزيّ يقول:
قال بشّار: أزري بشعري الأذان. يقول: إنه إسلاميّ.
قال الشعر و هو ابن عشر سنين:
و أخبرني حبيب بن نصر المهلّبيّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال قال أبو عبيدة:
قال بشّار الشعر و لم يبلغ عشر سنين، ثم بلغ الحلم و هو مخشيّ معرّة لسانه.
هجا جريرا فأعرض عنه استصغارا له:
قال: و كان بشّار يقول: هجوت جريرا فأعرض عنّي و استصغرني، و لو أجابني لكنت أشعر الناس.
كان الأصمعي يقول هو خاتمة الشعراء:
و أخبرنا يحيى بن عليّ بن يحيى و أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال:
كان الأصمعيّ يقول: بشّار خاتمة الشعراء، و اللّه لو لا أنّ أيّامه تأخّرت لفضّلته على كثير منهم.
[2] كذا في ء، ط. و في أكثر النسخ: «كنور الأرض».
[3] في ط، ء: «السرادار».
[4] زيادة في ط، ء.
[5] في أ، م: «الحمداني».
[6] كذا في ء، ط، و في باقي الأصول: «فإنّ».[4]