قال: ثمّ حدّثنا عمارة
قال: قال لي عليّ بن هشام- و فيه عصبيّة على العرب-: قد علمت مكانك منّي، و قيامي
بأمرك، حتى قرّبك أمير المؤمنين المأمون، و المائة [3] الألف التي وصلتك أنا
سببها، و هاهنا من بني عمّك من هو أقرب إليك، و أجدر أن يعينني على ما قبل [4]
أمير المؤمنين لك، فقلت: و من هو؟ قال: تميم بن خزيمة، قال: قلت: إيه، قال: و خالد
بن يزيد بن مزيد، قلت: سآتيهما، فبعث معي شاكريّا [5]، من شاكريّته، حتى وقف بي
على باب تميم، فلمّا نظر إليّ غلمانه أنكروا أمري [6] فدنا الشّاكريّ فقال: أعلموا
الأمير أنّ على الباب ابن جرير الشّاعر جاء [7] مسلما فتوانوا، و خرج غلام أعرف
أنه غلام الأمير، فحجبني [8]، فدخلني من ذاك ما اللّه به عالم، فقلت للشّاكريّ:
أين منزل خالد؟ فقال: اتبعني فما كان إلا قليلا حتى وقف بي على بابه، و دخل بعض
غلمانه يطلب الإذن، فما كان إلا قليلا حتى خرج في قميصه و ردائه، يتبعه حشمه. فقال
لي بعض القوم: هذا خالد/ قد أقبل إليك، قال: فأردت أن أنزل إليه، فوثب وثبة فإذا
هو معي آخذ بعضدي يريد أن أتكئ عليه، فجعلت أقول:
جعلني اللّه فداك، أنزل،
فيأبى حتى أخذ بعضدي، فأنزلني و أدخلني، و قرّب إليّ الطعام و الشراب، فأكلت و
شربت، و أخرج إليّ خمسة آلاف درهم و قال: يا أبا عقيل، ما آكل إلا بالدّين، و أنا
على جناح من ولاية أمير المؤمنين، فإن صحّت لي، لم أدع أن أغنيك، و هذه خمسة أثواب
خزّ قد آثرتك بها، كنت قد ادّخرتها، قال/ عمارة، فخرجت و أنا أقول: