قال: و هذا الشّعر لفروة
بن حميصة فيّ. قال: فدخلني من ذلك ما اللّه يعلمه [1]، و ما ظننت أنّ شعر فروة وقع
إلى من هنالك [2]، ثم خرج عليّ بن هشام من المجلس و هو يضحك، فقلت: يا أبا الحسن،
أ تفعل بي مثل هذا و أنا صديقك؟ فقال: ليس عليك في هذا شيء، فقلت: من أين وقع
إليك شعر فروة؟ [3] قال: و هل بقي كتاب إلا و هو عندي؟ فقلت: يا أمير المؤمنين،
[4] أهجى في دارك و بحضرتك؟ فضحك، فقلت: يا أمير المؤمنين [4] أنصفني، فقال: دع
هذا و أخبرني بخبر هذا الرجل، و ما كان بينك و بينه فأنشدته قصيدتي فيه، فلما
انتهيت إلى قولي:
/
ما في السّوية أن تجرّ عليهم
و تكون يوم الرّوع أوّل صادر
أعجب المأمون هذا البيت
فقال لي، المأمون: أ لهذه القصيدة نقيضة؟ قلت: نعم، قال: فهاتها، فقلت له:
أوذي سمعي بلساني؟ فقال:
عليّ ذلك، فأنشدته إياها، فلما بلغت إلى قوله:
أخبرني محمد قال: حدّثني
الحسن قال: حدّثني محمد بن عبد اللّه بن آدم قال: حدّثني عمارة قال: إنما قتل فروة
قولي له:
ما في السّويّة أن
تجرّ عليهم
و تكون يوم الرّوع أوّل صادر
فلما أحاطت به طيّىء و قد
كان في معاذ و موئل، و كان كثير الظّفر بهم [8] كثير العفو عمّن قدر عليه منهم،
فقالوا له: و اللّه لا عرضنا لك و لا أوصلنا إليك سوءا فامض لطيّتك [9] و لكنّ
الوتر معك فإن لنا فيهم ثأرا، فقال فروة: فأنا إذا كما قال ابن المراغة:
ما في السّويّة أن
تجرّ عليهم
و تكون يوم الرّوع أوّل صادر
/ فلم يزل يحمي أصحابه و ينكي [10] في القوم حتى
اضطرّهم إلى قتله، و كان جمعهم أضعاف جمعه [11].