هو عمّار بن عمرو بن عبد
الأكبر يلقّب ذا كبار، همدانيّ صليبة، كوفيّ، وجدت ذلك في كتاب محمد بن عبد اللّه
الحزنبل.
و كان ليّن الشّعر ماجنا
خمّيرا معاقرا للشراب، و قد حدّ فيه مرّات، و كان يقول شعرا ظريفا يضحك من أكثره،
شديد التّهافت [1] جمّ السخف، و له أشياء صالحة نذكر أجودها في هذا الموضع من أخباره
و منتخب أشعاره؛ و كان هو و حمّاد الراوية و مطيع بن إياس يتنادمون و يجتمعون على
شأنهم لا يفترقون، و كلهم كان متّهما بالزّندقة.
لم يبرح الكوفة و لم
ينتجع أحدا
و عمّار ممّن نشأ في دولة
بني أميّة، و لم أسمع له بخبر في الدّولة العباسية، و لا كان مع شهوة النّاس لشعره
و استطابتهم إياه ينتجع أحدا و لا يبرح الكوفة لعشاء بصره و ضعف نظره [2].
فأخبرني به محمد بن مزيد
قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، عن الهيثم بن عديّ عن حمّاد الرّاوية، و
أخبرني به محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدّثنا أحمد بن الهيثم الفراسيّ [3] قال:
حدّثنا العمري [4] عن الهيثم بن عدي عن حماد الرواية، و لفظ الرجلين كالمتقارب [4]
قال:
استقدمني هشام بن عبد
الملك في خلافته، و أمر لي بصلة سنيّة و حملان [5] لما دخلت عليه استنشدني قصيدة
الأفوه الأوديّ:
/
لنا معاشر لم يبنوا لقومهم
و إن بني قومهم ما أفسدوا عادوا
قال: فأنشدته إياها، ثم
استنشدني قول أبي ذؤيب الهذليّ:
أ من البنون و ريبها
تتوجّع
فأنشدته إيّاها، ثم
استنشدني قول عديّ بن زيد:
أرواح مودّع أم بكور
فأنشدته إياها، فأمر لي
بمنزل و جراية، و أقمت عنده شهرا، فسألني عن أشعار العرب و أيامها و مآثرها