لهم أخرى أكبر ممّا كان
يجيء [1]، فقالوا: لقد جاء سيّدنا، فإذا رجل أصلع الشعر، عظيم البطن، مشرب حمرة،
فإذا هو حنظلة بن ثعلبة بن سيّار بن حييّ [2] بن حاطبة بن الأسعد بن جذيمة بن سعد
بن عجل، فقالوا: يا أبا معدان، قد طال انتظارنا، و قد كرهنا أن نقطع أمرا دونك، و
هذا ابن أختك النعمان بن زرعة قد جاءنا، و الرائد لا يكذب أهله، قال: فما الّذي
أجمع عليه رأيكم، و اتّفق عليه ملؤكم؟ قالوا: قال: إن اللّخي أهون من الوهي [3] و
إنّ في الشرّ خيارا، و لأن يفتدي بعضكم بعضا خير من أن تصطلموا [4] جميعا.
قال حنظلة: فقبّح اللّه
هذا رأيا، لا تجرّ أحرار فارس غرلها [5] ببطحاء ذي قار و أنا أسمع الصوت [6]. ثم
أمر بقبّته فضربت بوادي ذي قار، ثم نزل و نزل الناس فأطافوا به، ثم قال لهانئ بن
مسعود: يا أبا أمامة، إن ذمّتكم ذمّتنا عامّة، و إنّه لن يوصل إليك/ حتى تفنى
أرواحنا، فأخرج هذه الحلقة ففرّقها بين قومك، فإن تظفر [7] فستردّ عليك، و إن تهلك
فأهون مفقود.
فأمر بها فأخرجت، ففرقها
بينهم، ثم قال حنظلة للنعمان: لو لا أنّك رسول لما أبت إلى قومك سالما. فرجع
النعمان إلى أصحابه فأخبرهم بما ردّ عليه القوم، فباتوا ليلتهم مستعدّين للقتال، و
باتت بكر بن وائل يتأهّبون للحرب.
فلمّا أصبحوا أقبلت
الأعاجم نحوهم، و أمر حنظلة بالظعن [8] جميعا فوقفها خلف النّاس، ثم قال: يا معشر
[9] بكر بن وائل، قاتلوا عن ظعنكم أو دعوا [10]، فأقبلت الأعاجم يسيرون على تعبئة،
فلمّا رأتهم [11] بنو قيس ابن ثعلبة انصرفوا فلحقوا بالحيّ [12] فاستخفوا فيه،
فسمّي: «حيّ
[13] بني
قيس بن ثعلبة» قال: و هو [14] على موضع خفيّ فلم يشهدوا ذلك اليوم.
و كان [15] ربيعة بن غزالة
السّكونيّ، ثم التّجيبيّ، يومئذ هو [16]، و قومه/ نزولا في بني شيبان، فقال: يا
بني
[2]
خد، ف «بن حيي العجلي». و لم يذكر بن حاطبة .. و قد جاء تفصيل
هذا النسب في النسختين فيما سبق.
[3]
في «اللسان» ألخيته مالا: أعطيته، و لعل فيها أيضا لخيته
ثلاثيا. و الوهي: الضعف و الهلاك و المعنى إعطاء المال خير من الهزيمة و لم ترد
هذه الجملة في خد و لا ف. و عبار ف: قال قلنا إن في الشر ...