أنّ الحسن بن وهب كان يكتب
لمحمد بن عبد الملك الزيات، و هو وزير الواثق، و كان ابن الزيات قد وقف على ما بين
الحسن بن وهب و بين أبي تمام في غلاميهما، فتقدّم إلى بعض ولده- و كانوا يجلسون
عند الحسن بن وهب- بأن يعلموه بخبرهما، و ما يكون بينهما. قال: و عزم غلام أبي
تمام على الحجامة، فكتب إلى/ الحسن يعلمه بذلك، و يسأله التوجيه إليه بنبيذ مطبوخ،
فوجّه إليه بمائة دنّ و مائة دينار، و بخلعة حسنة و بخور كثير، و كتب إليه:
ليت شعري يا أملح
الناس عندي
هل تداويت بالحجامة بعدي
دفع اللّه عنك لي كلّ
سوء
باكر رائح و إن خنت عهدي
قد كتمت الهوى بمبلغ
جهدي
فبدا منه غير ما كنت أبدي
و خلعت العذار فليعلم
النا
س بأني إياك أصفي بودّي
و ليقولوا بما أحبّوا
إذا كن
ت وصولا و لم ترعني بصدّ
من عذيري من مقلتيك و
من إشر
اق وجه من دون حمرة خدّ
قال: و وضع الرّقعة تحت
مصلّاه، و بلغ محمد بن عبد الملك خبر الرّقعة، فوجّه إلى الحسن، فشغله بشيء من
أمره، و أمر من أخذ الرقعة من تحت مصلّاه، و جاءه بها، فقرأها، و كتب في ظهرها:
ليت شعري عن ليت شعرك
هذا
أ بهزل تقوله أم بجدّ
فلئن كنت في المقال
محقّا
يا بن وهب لقد تغيّرت بعدي
و تشبّهت بي و كنت
أرى أني
أنا العاشق المتيّم وحدي
أترك القصد في الأمور
و لو لا
غمرات الهوى لأبصرت رشدي
و أحب الأخ المشارك
في الحب
و إن لم يكن به مثل و جدّي
كنديمي أبي عليّ و
حاشا
لنديمي مثل شقوة و جدّي
صوت
إنّ مولاي عبد غيري و
لو لا
شؤم جدي لكان مولاي عبدي
سيّدي سيدي و مولاي
من أو
رثني ذلّة و أضرع خدّي
في هذين البيتين الأخيرين
لحن من الرمل، أظنه لجحظة أو غيره من طبقته.
قال: ثم وضع الرقعة في
مكانها، فلما قرأها الحسن قال: إنا للّه! افتضحنا عند الوزير، و حدّث أبا تمام بما
كان، و وجّه إليه بالرقعة، فلقيا محمد بن عبد الملك، و قالا له: إنما جعلنا هذين
سببا للمكاتبة بالأشعار لا للريبة، فتضاحك و قال: و من يظنّ بكما غير هذا! فكان قوله
أشدّ عليهما من الخبرة.
هل عاقه أيلول:
قرأت في بعض الكتب: كان
الحسن بن وهب يعاشر أبا تمام عشرة متّصلة، فندب الحسن بن وهب للنظر في