responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 23  صفحه : 173

أنا أبا حمزة بلغه أن أهل المدينة يعيبون أصحابه لحداثة أسنانهم، و خفّة أحلامهم، فبلغه ذلك عنهم؛ فصعد المنبر؛ و عليه كساء غليظ؛ و هو متنكّب قوسا عربية فحمد اللّه، و أثنى عليه و صلّى على نبيه صلّى اللّه عليه و سلم و آله، ثم قال:

يا أهل المدينة، قد بلغتني مقالتكم في أصحابي، و لو لا معرفتي بضعف رأيكم/ و قلّة عقولكم لأحسنت أدبكم، ويحكم!/ إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أنزل عليه الكتاب، و بيّن له فيه السّنن، و شرع له فيه الشرائع، و بيّن له فيه ما يأتي و ما يذر، فلم يكن يتقدّم إلا بأمر اللّه، و لا يحجم إلا عن أمر اللّه، حتى قبضه اللّه إليه- صلّى اللّه عليه و سلم- و قد أدّى الذي عليه، لم يدعكم من أمركم في شبهة، ثم قام من بعده أبو بكر؛ فأخذ بسنّته، و قاتل أهل الرّدّة؛ و شمّر في أمر اللّه؛ حتى قبضه اللّه إليه و الأمة عنه راضون، رحمة اللّه عليه و مغفرته؛ ثم ولي بعده عمر؛ فأخذ بسنة صاحبيه، و جنّد الأجناد؛ و مصّر الأمصار؛ و جبي الفي‌ء؛ فقسّمه بين أهله؛ فقسّمه بين أهله؛ و شمّر عن ساقه، و حسر عن ذراعه، و ضرب في الخمر ثمانين، و قام في شهر رمضان، و غزا العدوّ في بلادهم؛ و فتح المدائن و الحصون؛ حتى قبضه اللّه إليه و الأمة عنه راضون، رحمة اللّه عليه و رضوانه و مغفرته، ثم ولي من بعده عثمان بن عفان فعمل في ستّ سنين بسنّة صاحبيه؛ ثم أحدث أحداثا أبطل آخر منها أولا، و اضطرب حبل الدين بعدها، فطلبها كلّ امرئ لنفسه، و أسرّ كلّ رجل منهم سريرة أبداها اللّه عنه؛ حتى مضوا على ذلك، ثم ولي عليّ بن أبي طالب، فلم يبلغ من الحق قصدا؛ و لم يرفع له منارا و مضى؛ ثم ولي معاوية بن أبي سفيان لعين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و ابن لعينه، و حلف من الأعراب، و بقية من الأحزاب، مؤلّف طليق، فسفك الدم الحرام، و اتّخذ عباد اللّه حولا، و مال اللّه دولا، و بغى دينه عوجا و دغلا [1]، و أحلّ الفرج الحرام، و عمل بما يشتهيه؛ حتى مضى لسبيله، فعل اللّه به و فعل، ثم ولى بعده ابنه يزيد: يزيد الخمور، و يزيد الصّقور، و يزيد الفهود، و يزيد الصّيود، و يزيد القرود، فخالف القرآن، و اتّبع الكهّان، و نادم القرد، و عمل بما يشتهيه حتى مضى على ذلك لعنه اللّه، و فعل به و فعل، ثم ولي مروان بن الحكم طريد لعين رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلم/ و آله- و ابن لعينه؛ فاسق في بطنه و فرجه، فالعنوه و العنوا آباءه. ثم تداولها بنو مروان بعده؛ أهل بيت اللعنة، طرداء رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلم- و قوم من الطلقاء ليسوا من المهاجرين و الأنصار و لا التابعين لهم بإحسان، فأكلوا مال اللّه أكلا، و لعبوا بدين اللّه لعبا، و اتّخذوا عباد اللّه عبيدا، يورّث ذلك الأكبر منهم الأصغر. فيا لها أمة، ما أضيعها و أضعفها! و الحمد للّه ربّ العالمين، ثم مضوا على ذلك من أعمالهم و استخفافهم بكتاب اللّه تعالى؛ قد نبذوه وراء ظهورهم، لعنهم اللّه؛ فالعنوهم كما يستحقّون؛ و قد ولي منهم عمر بن عبد العزيز؛ فبلغ؛ و لم يكد؛ و عجز عن الذي أظهره، حتى مضى لسبيله- و لم يذكره بخير و لا شرّ [2]- ثم ولي يزيد بن عبد الملك، غلام ضعيف سفيه غير مأمون على شي‌ء من أمور المسلمين، لم يبلغ أشدّه، و لم يؤانس رشده، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) [3] فأمر أمة محمد في أحكامها و فروجها و دمائهم أعظم من ذلك كلّه، و إن كان ذلك عند اللّه عظيما، مأبون في بطنه و فرجه، يشرب الحرام، و يأكل الحرام، و يلبس الحرام، و يلبس بردتين قد حيكتا له، و قوّمتا على أهلهما بألف دينار و أكثر و أقلّ، قد أخذت من غير حلّها و صرفت في غير وجهها، بعد أن ضربت فيها الأبشار [4]، و حلقت فيها الأشعار، و استحلّ ما لم يحلّ اللّه/ لعبد صالح، و لا لنبي مرسل، ثم يجلس‌


[1] دغلا: فسادا.

[2] ما بين القوسين من كلام المؤلف.

[3] النساء: 6.

[4] الأبشار: جمع بشرة أي الجلود.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 23  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست