فيه شصّ قد ألقاه في الماء
للسّمك، و على شفته دوشاب [1] ملطّخ، فقلت له:/ خرب بيتك، أيش هذا العمل؟
فقال: أصطاد يا كشخان يا
أحمق بجميع جوارحي، إذا مرّ بي طائر رميته عن القوس، و إن سقط قريبا مني أرسلت
إليه الباشق، و الرئة التي على رأسي يجيء الحدأ ليأخذها فيقع في الوهق [2] و
الدّوشاب أصطاد به الذّباب، و أجعله في الشصّ، فيطلبه السمك، و يقع فيه، و الشصّ في
أيري، فإذا مرّت به السمكة أحسست بها، فأخرجتها.
عبث:
قال: و كان المتوكل يرمي
به في المنجنيق إلى الماء، و عليه قميص حرير، فإذا علا في الهواء صاح: الطريق
الطريق، ثم يقع في الماء، فتخرجه السّبّاح، قال: و كان المتوكل يجلسه على
الزّلّاقة، فينحدر فيها، حتى يقع في البركة، ثم يطرح الشبكة، فيخرجه كما يخرج
السمك، ففي ذلك يقول في بعض حماقاته:
قدم أبو العبر بغداد في
أيام المستعين، و جلس للناس، فبعث إسحاق بن إبراهيم، فأخذه، و حبسه، فصاح في
الحبس، لي نصيحة، فأخرج، و دعا به إسحاق، فقال: هات نصيحتك، قال: على أن تؤمّنني؟
قال: نعم، قال:
الكشكية- أصلحك اللّه-/ لا
تطيب إلا بالكشك، فضحك إسحاق و قال: هو- فيما أرى- مجنون، فقال: لا، هو امتخط حوت
[4]، قال: أيش هو امتخط حوت؟ ففهم ما قاله، و تبسم ثم قال: أظنّ أنّي فيك مأثوم،
قال: لا، و لكنك في ماء بصل [5]، فقال: أخرجوه عني إلى لعنة اللّه، و لا يقيم
ببغداد، فأردّه إلى الحبس، فعاد إلى سرّ من رأى.
من شعره في غلام:
و له أشعار ملاح في الجدّ،
منها ما أنشدنيه الأخفش له يخاطب غلاما أمرد: