أخبرني هاشم بن محمد
الخزاعيّ قال: حدثنا دماذ عن أبي عبيدة قال:
كان سبب خروج مالك بن
الريب إلى خراسان و اكتتابه مع سعيد بن عثمان، هربا من ضرطة، فسألته كيف كان ذلك؟
قال: مرّ مالك بليلى الأخيليّة، فجلس إليها يحادثها طويلا، و أنشدها. فأقبلت عليه،
و أعجبت به حتى طمع في وصلها، ثم إذا هو بفتى قد جاء إليها، كأنه نصل سيف، فجلس
إليها، فأعرضت عن مالك و تهاونت به، حتى كأنه عندها عصفور، و أقبلت على صاحبها
مليّا من نهارها، فغاظه ذلك من فعلها، و أقبل على الرجل، فقال: من أنت؟ فقال: توبة
بن الحميّر، فقال: هل لك في المصارعة؟ قال: و ما دعاك إلى ذلك و أنت ضيفنا و
جارنا؟ قال: لا بدّ منه، فظنّ أن ذلك لخوفه منه، فازداد لجاجا، فقام توبة فصارعه،
فلما سقط مالك إلى الأرض ضرط ضرطة هائلة، فضحكت ليلى منه. و استحيا مالك، فاكتتب
بخراسان و قال: لا أقيم في بلد العرب أبدا، و قد تحدّثت عني بهذا الحديث، فلم يزل
بخراسان حتى مات، فقبره هناك معروف.
يتحدث مع أصحابه و
يتذاكرون ماضيهم في السرقة
و قال المدائنيّ، و حدثني
أبو الهيثم: قال:
اجتمع مالك بن الريب و أبو
حردبة و شظاظ يوما، فقالوا: تعالوا نتحدّث بأعجب ما عملناه في سرقتنا، فقال أبو
حردبة: أعجب ما صنعت، و أعجب ما سرقت أني صحبت/ رفقة فيها رجل على رحل، فأعجبني،
فقلت لصاحبي، و اللّه لأسرقنّ رحله، ثم لا رضيت أو آخذ عليه جعالة، فرمقته، حتى
رأيته قد خفق برأسه، فأخذت بخطام جمله، فقدته، و عدلت به عن الطريق، حتى إذا
صيّرته في مكان لا يغاث فيه/ إن استغاث، أنخت البعير و صرعته، فأوثقت يده و رجله،
و قدت الجمل، فغيّبته ثم رجعت إلى الرّفقة، و قد فقدوا صاحبهم، فهم يسترجعون،
فقلت: مالكم؟ فقالوا: صاحب لنا فقدناه، فقلت: أنا أعلم الناس بأثره، فجعلوا لي
جعالة، فخرجت بهم أتبع الأثر، حتى وقفوا عليه، فقالوا: مالك؟ قال: لا أدري، نعست،
فانتبهت لخمسين فارسا قد أخذوني، فقاتلتهم، فغلبوني.
قال أبو حردبة؛ فجعلت أضحك
من كذبه، و أعطوني جعالتي، و ذهبوا بصاحبهم.
و أعجب ما سرقت أنه مرّ بي
رجل معه ناقة و جمل، و هو على الناقة، فقلت: لآخذنّهما جميعا، فجعلت أعارضه و قد
رأيته قد خفق برأسه، فدرت، فأخذت الجمل، فحللته، و سقته، فغيبته في القصيم- و هو
الموضع