أ ذئب الغضا قد صرت للناس ضحكة
تغادى بك الركبان شرقا إلى غرب
فأنت و إن كنت الجرىء جنانه
منيت بضرغام من الأسد الغلب
بمن لا ينام الليل إلا و سيفه
رهينة أقوام سراع إلى الشّغب
أ لم ترني يا ذئب إذا جئت طارقا
تخاتلني أني أمرؤ وافر اللّبّ
زجرتك مرات فلما غلبتني
و لم تنزجر نهنهت [1] غربك بالضرب
فصرت لقى لمّا علاك ابن حرّة
بأبيض قطّاع ينجّي من الكرب
ألا ربّ يوم ريب لو كنت شاهدا
لهالك ذكرى عند معمعة [2] الحرب
/ و لست ترى إلا كميّا مجدلا
يداه جميعا تثبتان من التّرب [3]
و آخر يهوى طائر القلب هاربا
و كنت امرأ في الهيج مجتمع القلب
أصول بذي الزرّين [4] أمشي عرضنة [5]
إلى الموت و الأقران كالإبل الجرب
/ أرى الموت لا أنحاش عنه تكرّما
و لو شئت لم أركب على المركب الصعب
و لكن أبت نفسي و كانت أبيّة
تقاعس أو ينصاع قوم من الرعب
تتعلق به ابنته عند الفراق فقال في ذلك شعرا
قال أبو عبيدة: لما خرج مالك بن الريب مع سعيد بن عثمان تعلّقت ابنته بثوبه، و بكت، و قالت له: أخشى أن يطول سفرك أو يحول الموت بيننا فلا نلتقي، فبكى و أنشأ يقول:
و لقد قلت لا بنتي و هي تبكي
بدخيل الهموم قلبا كئيبا
و هي تذري من الدموع على الخدّي
ن من لوعة الفراق غروبا
عبرات يكدن يجرحن ما جز
ن به أو يدعن فيه ندوبا
حذر الحتف أن يصيب أباها
و يلاقي في غير أهل شعوبا [6]
اسكتي قد حززت بالدمع قلبي
طالما حزّ دمعكنّ القلوبا
فعسى اللّه ان يدفع عنّي
ريب ما تحذرين حتى أئوبا
ليس شيء [7] يشاؤه ذو المعالي
بعزيز عليه فادعي المجيبا
[1] نهنهت: كففت.
[2] ب، س «معمة» و هو تحريف.
[3] في هج «تضنيان» بدل «تثبتان».
[4] الزرين: الحدين.
[5] عرضنة، أي أمشي بقوة.
[6] شعوب: علم على المنية و قد يعرف بأل.
[7] في س، ب «شيئا».