و خالف قومه، و اندسّ إلى
هوازن، حتى أغارت/ على بني كنانة، فكان منهم بنو عمرو بن عامر بن ربيعة، عليهم
سلمة بن سعدى [1] البكائي، و بنو هلال عليهم ربيعة بن أبي ظبيان الهلالي، و بنو
نصر بن معاوية، عليهم مالك بن عوف، و هو يومئذ أمرد، فأغاروا على بني ليث [2] بن
بكر بصحراء الغميم، فكانت [3] لبني ليث أول النهار، فقتلوا عبيد بن عوف البكائي،
قتله بنو مدلج و سبيع بن المؤمل الجسري حليف بني عامر، ثم كانت على بني ليث آخر
النهار، فانهزموا، و استحرّ [4] القتل في بني الملوّح بن يعمر بن ليث، و أصابوا
نعما و نساء حينئذ، فكان [5] ممن قتل في حروب الفجار من قريش العوّام بن خويلد،
قتله مرّة بن معتّب، و قتل حزام بن خويلد، و أحيحة بن أبي أحيحة، و معمر ابن حبيب
الجمحي، و جرح حرب بن أمية، و قتل من قيس الصّمّة أبو دريد بن الصمّة، قتله جعفر
بن الأحنف [6].
صلح يتم برهائن
ثم تراضوا بأن يعدّوا
القتلى، فيدوا من فضل، فكان الفضل لقيس على قريش و كنانة، فاجتمعت القبائل على
الصلح، و تعاقدوا ألا يعرض [7] بعضهم لبعض، فرهن حرب بن أميّة ابنه أبا سفيان بن
حرب، و رهن الحارث بن كلدة العبديّ [8] ابنه النضر، و رهن سفيان بن عوف أحد بني
الحارث بن عبد مناة ابنه الحارث،/ حتى وديت [9] الفضول، و يقال: إن عتبة بن ربيعة
تقدم يومئذ، فقال: يا معشر قريش، هلمّوا إلى صلة الأرحام و الصلح، قالوا:
و ما صلحكم هنا، فإنّا
موتورون [10]؟ فقال: على أن ندي قتلاكم، و نتصدق عليكم بقتلانا فرضوا بذلك، و ساد
[11] عتبة مذ يومئذ، قال: فلما رأت هوازن رهائن قريش بأيديهم رغبوا في العفو،
فأطلقوهم.
النبي يشهد الفجار
قال أبو عبيدة: و لم يشهد
الفجار من بني هاشم غير الزبير بن عبد المطلب، و شهد النبي صلّى اللّه عليه و سلم
و آله سائر الأيام إلا يوم نخلة، و كان يناول عمّه و أهله النّبل، قال: و شهدها
صلى اللّه عليه و سلم و هو ابن عشرين سنة، و طعن النبي صلّى اللّه عليه و سلم و
آله أبا براء ملاعب الأسنة، و سئل صلّى اللّه عليه و آله عن مشهده يومئذ، فقال: ما
سرني أني لم أشهده، إنهم تعدّوا على قومي، عرضوا عليهم أن يدفعوا إليهم البرّاض
صاحبهم، فأبوا.
[7]
في بعض النسخ «فتعاقدوا
على أن يرهن بعضهم لبعض» و هي أنسب
لما يرد بعد.
[8]
في هج «العبدري»- نسبة إلى عبد الدار- بدل «العبدي» و النضر المشار اليه هنا هو أخو قتيلة الذي قتله
صلى اللّه عليه و سلم في بدر، فرثته أخته بالأبيات القافية المعروفة.