أسرت فهم عروة بن مرة أخا
أبيّ خراش- و قال غيره: بل بنو كنانة أسرته- فلما دخلت الأشهر الحرم، مضى أبو خراش
إليهم و معه ابنه خراش، فنزل بسيّد من ساداتهم و لم يعرّفه نفسه و لكنه استضافه
فأنزله و أحسن قراه، فلما تحرّم به انتسب له، و أخبره خبر أخيه، و سأله معاونته حتى
يشتريه منهم، فوعده بذلك، و غدا على القوم مع ذلك الرجل، فسألهم في الأسير أن
يهبوه له، فما فعلوا، فقال لهم: فبيعونيه، فقالوا: أما هذا فنعم، فلم يزل يساومهم
حتى رضوا بما بذله لهم، فدفع أبو خراش إليهم ابنه خراشا رهينة، و أطلق أخاه عروة و
مضيا، حتى أخذ أبو خراش فكاك أخيه، و عاد به إلى القوم حتى أعطاهم إيّاه و أخذ
ابنه. فبينما أبو خراش ذات يوم في بيته إذ جاءه عبد له فقال:
إن أخاك عروة جاءني و أخذ
شاة من غنمك، فذبحها، و لطمني لمّا منعته منها، فقال له: دعه، فلما كان بعد أيام
عاد، فقال له: قد أخذ أخرى، فذبحها، فقال: دعه، فلما أمسى قال له: إن أخاك اجتمع
مع شرب من قومه، فلما انتشى جاء إلينا و أخذ ناقة من إبلك، لينحرها لهم فعاجله،
فوثب أبو خراش إليه، فوجده قد أخذ الناقة، لينحرها، فطردها أبو خراش، فوثب أخوه
عروة إليه/ فلطم وجهه، و أخذ الناقة، فعقرها، و انصرف أبو خراش، فلما كان من غد
لامه قومه، و قالوا له: بئست لعمر اللّه المكافأة، كانت منك لأخيك؛ رهن ابنه فيك،
و فداك بماله، ففعلت به ما فعلت، فجاء عروة يعتذر إليه، فقال أبو خراش:
: و قال الأصمعيّ و أبو عبيدة و أبو عمرو و ابن
الأعرابي:
كان بنو مرة عشرة: أبو
خراش [5]، و أبو جندب، و عروة، و الأبحّ، و الأسود، و أبو الأسود، و عمرو، و زهير،
و جنّاد، و سفيان، و كانوا جميعا شعراء دهاة سراعا لا يدركون عدوا، فأما الأسود بن
مرة فإنه كان على ماء من داءة [6] و هو غلام شاب، فوردت عليه إبل/ رئاب بن ناضرة
بن المؤمّل من بني لحيان، و رئاب شيخ كبير، فرمى
[2]
و يوم- بالكسر- معطوف على المن في
البيت قبله، أي كيف تثيب على هذا و ذاك؟ الأشهاد: جمع شهد، و شهد: جمع شاهد، و
مرتدي الحرور: لابسا الحر.
[3]
الكس: الدق الشديد، روقا: زائدا، لعله
يريد أن يقول: إنني صبرت نفسي عليك إذ كان دق القوم بمعنى ضربهم شديدا زائدا، و
جالت العيون في الملقى، و ذلك كناية عن أنه خاض الحرب من أجله.
[4]
بما يممته: بما قصدته من إحساني إليك،
و يتعلق الجار و المجرور «كيف نثيب» في البيت الثاني أي كيف ثيبني بإحساني إليك و
رهن ولدي من أجلك، و ما أكلته من لحم جزوري بلطمك وجهي؟.
[5]
كان القياس أن يقول: أبا خراش بالنصب
على البدلية من عشرة، و لكن هكذا ورد في الأصول على قدير «هم فلان و فلان».
[6]
داءة- كما في «القاموس»- موضع لهذيل و في «المختار»: «فإنه كان- على ما مرّ- داهية».