: و شرّ يوم لقيت أنّي خرجت، حتى إذا كنت في بلاد ثمالة
أطوف، حتى إذا كنت من القفير [1] عشيّا إذا أنا بسبع خلفات [2] فيهن عبد، فأقبلت
نحوه، و كأنّي لا أريده و حذرني فجعل يلوذ بناقة فيها حمراء، فقلت في نفسي: و
اللّه إنه ليثق بها. فأفوّق له، و وضع رجله في أرجلها و جعل يدور معها، فإذا هو
على عجزها. و أرميه حين أشرف فوضعت سهمي في قلبه فخرّ، و ندّت الناقة شيئا و
أتبعتها فرجعت فسقتهنّ شيئا ثم قلت: و اللّه لو ركبت الناقة و طردتهنّ، و أخذت
بعثنون [3] الحمراء فوثبت، فساعة استويت عليها كرّت نحو الحيّ تريع و تبعتها
الخلفات، و جعلت أسكّنها و ذهبت، فلمّا خشيت أن تطرحني في أيدي القوم رميت بنفسي
عنها، فانكسرت رجلي، و انطلقت و الذّود [4] معها. فخرجت أعرّج، حتى انخنست [5] في
طرف كثيب و جازني الطّلب،/ فمكثت مكاني حتى أظلمت، و شبّت لي ثلاثة أنوار فإذا نار
عظيمة ظننت أن لها أهلا كثيرا، و نار دونها، و نويرة صغيرة، فهويت للصّغرى، و أنا
أجمر [6]، فلما نبحني الكلب نادى رجل فقال: من هذا؟ فقلت: بائس، فقال: ادنه، فدنوت
و جلست و جعل يسائلني، إلى أن قال: و اللّه إني لأجد منك ريح دم. فقلت: لا و
اللّه، ما بي دم. فوثب إليّ فنفضني، ثم نظر في جعبتي فإذا السهم، فقلت: رميت
العشيّة أرنبا فقال كذبت، هذا ريح دم إنسان، ثم وثب إليّ و لا أدفع الشّرّ عن نفسي
فأوثقني كتافا، ثم علّق جعبتي و قوسي، و طرحني في كسر البيت و نام، فلما أسحرت
حرّكت رجلي، فإذا هي صالحة و انفتل الرّباط فحللته، ثم وثبت إلى قوسي و جعبتي
فأخذتهما ثم هممت بقتله فقلت: أنا [7] ضمن الرّجل، و أنا أخشى أن أطلب فأدرك و لم
أقتل أحدا أحب إلي، فولّيت و مضيت. فو اللّه إني لفي الصّحراء أحدّث نفسي إذا أنا
به على ناقة يتبعني، فلمّا رأيته قد دنا مني جلست على قوسي و جعبتي و أمنته، و
أقبل فأناخ راحلته ثم عقلها، ثم أقبل إليّ، و عهده بي عهده، فقلت له: ويلك، ما
تريد منّي؟ فأقبل يشتمني، حتى إذا أمكنني، وثبت عليه فما ألبثته أن ضربت به الأرض،
و بركت عليه أربطه، فجعل يصيح: يا لثمالة، لم أر كاليوم. فجنبته إلى ناقته و
ركبتها، فما نزعت حتّى أحللته في الحيّ، و قلت: