قال أبو عبيدة و حدّثني
المنتجع بن نبهان قال: كان السّليك يعطي عبد الملك بن مويلك الخثعميّ إتاوة من
غنائمه على أن يجيره فيتجاوز بلاد خثعم إلى من وراءهم من أهل/ اليمن، فيغير عليهم.
فمرّ قافلا من غزوة فإذا بيت من خثعم أهله خلوف [1] و فيه امرأة شابة بضّة، فسألها
عن الحي فأخبرته، فتسنمها، أي علاها، ثم جلس حجرة [2]، ثم التقم المحجّة، [3]
فبادرت إلى الماء فأخبرت القوم، فركب أنس [4] بن مدرك الخثعمي في طلبه فلحقه،
فقتله. فقال عبد الملك: و اللّه لأقتلنّ قاتله أو ليدينه، فقال أنس: و اللّه لا
أدبه و لا كرامة، و لو طلب في ديته عقالا لما أعطيته. و قال في ذلك:
أخبرني ابن أبي الأزهر عن
حماد بن إسحاق عن أبيه عن فليح بن أبي العوراء قال:
كان لي صديق بمكة، و كنا
لا نفترق و لا يكتم أحد صاحبه سرّا، فقال لي ذات يوم: يا فليح، إني أهوى ابنة عم
لي و لم أقدر عليها قط، و قد زارتني اليوم فأحبّ أن تسرّني بنفسك، فإني لا أحتشمك.
فقلت: أفعل، و صرت إليهما، و أحضر/ الطعام فأكلنا، و وضع النبيذ فشربنا أقداحنا،
فسألني أن أغنيهما، فكأن اللّه- عزّ و جل- أنساني الغناء كلّه إلّا هذا الصوت:
فلما سمعته الجارية قالت
أحسنت يا أخي، أعد، فأعدته. فوثبت و قالت: أنا إلى اللّه تائبة، و اللّه ما كنت
لأفضح أبي و لا لأرفع لإخوتي شنارا. فجهد الفتى في رجوعها فأبت و خرجت، فقال لي:
ويحك ما حملك على ما صنعت؟ فقلت: و اللّه ما هو شيء اعتمدته، و لكنه ألقي على
لساني لأمر أريد بك و بها. هكذا في الخبر المذكور.
و قد رواه غير من ذكرته عن
فليح بن أبي العوراء، فأخبرني اليزيديّ عن عمه عبيد اللّه قال: كان إبراهيم بن
سعدان يؤدب ولد عليّ بن هشام، و كان يغنّي بالعود تأدبا و لعبا، قال: فوجّه إليّ
يوما عليّ بن هشام يدعوني،