/ فلما وجد الشيخ مغترا [1] ختله [2] من ورائه، فضربه
فأطار رأسه، و صاح بالإبل فطردها، فلم يشعر صاحباه- و قد ساء ظنهما و تخوفا عليه-
حتى إذا هما بالسليك يطردها فطرداها معه، و قال سليك في ذلك:
خرج سليك في الشهر الحرام
حتى أتى عكاظ، فلما اجتمع الناس ألقى ثيابه،/ ثم خرج متفضّلا مترجلا، فجعل يطوف
الناس و يقول: من يصف لي منازل قومه، و أصف له منازل قومي؟ فلقيه قيس بن مكشوح
المراديّ، فقال: أنا أصف لم منازل قومي، وصف لي منازل قومك، فتواقفا، و تعاهدا ألا
يتكاذبا.
فقال قيس بن المكشوح: خذ
بين مهبّ الجنوب و الصّبا، ثم سر حتى لا تدري أين ظل الشجرة؟ فإذا انقطعت المياه
فسر أربعا حتى تبدو لك رملة و قفّ بينها [13] الطريق، فإنك ترد على قومي مراد و
خثعم.
فقال السّليك: خذ بين مطلع
سهيل و يد الجوزاء اليسرى العاقد لها من أفق السماء، فثمّ منازل قومي بني سعد بن
زيد مناة.
فانطلق قيس إلى قومه فأخبرهم
الخبر، فقال أبوه المكشوح: ثكلتك أمك. هل تدري من لقيت؟ قال: لقيت رجلا فضلا [14]
كأنما خرج من أهله، فقال: هو و اللّه سليك بن سعد.
[1]
كذا في ف، أي غافلا. و في ب، س «مفترا»، أي ساكنا مستقرا، من فتر الشيء تفتيرا سكنه.