يستصلحه بعض إخوانه بعد جفوة فيقول في ذلك شعرا:
أنشدنا أبو عبيد اللّه [1] اليزيديّ عن عمه الفضل لإبراهيم بن أبي محمد اليزيديّ في بعض إخوانه، و قد رأى منه جفوة، ثم عاد و استصلح، فكتب إليه:
من تاه واحدة فته عشرا
كي لا يجوز بنفسه القدرا
و إذا زها أحد عليك فكن
أزهى عليه و لا تكن غمرا [2]
أ رأيت من لم ترج منفعة
منه و لم تحذر له ضرا
/ لم يستذلّ [3] و تستذلّ له
بل كن أشد إذا زها كبرا
يعربد في مجلس شراب مع المأمون، ثم يعتذر إليه:
حدّثني عمي و الحسن بن عليّ قالا: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدّثني أبي عن جعفر بن المأمون قال:
دخل إبراهيم بن أبي محمد اليزيديّ على أبي و هو يشرب، فأمره بالجلوس فجلس، و أمر له بشراب فشرب.
و زاد في الشراب فسكر و عربد، فأخذ عليّ بن صالح صاحب المصلّى بيده، فأخرجه، فلما أصبح كتب إلى أبي:
أنا المذنب الخطّاء و العفو واسع
و لو لم يكن ذنب لمّا عرف العفو
ثملت فأبدت منّي الكأس بعض ما
كرهت و ما إن يستوي السكر و الصحو
و لو لا حميا الكأس كان احتمال ما
بدهت به لا شك فيه هو السّرو [4]
و لا سيما إذ كنت عند خليفة
و في مجلس ما إن يجرز به اللغو
تنصلت من ذنبي تنصّل ضارع
إلى من لديه يغفر العمد و السهو
فإن تعف عني تلف خطوي واسعا
و إلّا يكن عفو فقد قصر الخطو
يحجب عن هارون بن المأمون، فينظم في ذلك شعرا:
حدّثني عمي قال: حدثنا الفضل بن محمد اليزيديّ قال: جاء إبراهيم إلى هارون بن المأمون، فصادفه قد خلا هو و جماعة من المعتزلة. فلم يصل إليه و حجب عنه، فكتب إليه:
غلبت عليكم هذه القدريّه [5]
فعليكم مني السّلام تحيه
آتيكم شوقا فلا ألقاكم
و هم لديكم بكرة و عشيه
هارون قائدهم و قد حفّت به
أشياعه و كفى بتلك بليه
[1] كذا في ب، س. و في سائر النسخ «عبد اللّه».
[2] الغمر: الجاهل الّذي لم يجرب الأمور.
[3] كذا في ب، س. أ، م «يسترك» بمعنى يستضعف، استركه: استضعفه.
[4] السرو: المروءة في شرف.
[5] القدرية: جاحدة القدر.