يهجو سلم الخاسر:
قال إسماعيل: و حدّثني أبي قال:
كنت ذات يوم جالسا أكتب كتابا، فنظر فيه سلم الخاسر طويلا، ثم قال:
أير يحيى أخط من كفّ يحيى
إنّ يحيى بأيره لخطوط
فقال أبو محمد يحيى:
أمّ سلم بذاك أعلم شيء
إنها تحت أيره لضروط
/ و لها تارة إذا ما علاها
أزمل [1] من وداقها [2] و أطيط [3]
أمّ سلم تعلّم الشّعر سلما
حبّذا شعر أمك المنقوط
ليت شعري ما بال سلم بن عمرو
كاسف البال حين يذكر لوط
لا يصلّي عليه فيمن يصلّي
بل له عند ذكره تثبيط
فقال له سلم: ويحك ما لك خبثت؟ أي شيء دعاك إلى هذا كله؟ فقال أبو محمد: بدأت، فانتصرت، و البادي أظلم.
يطلب سلم الخاسر أن يهجوه على روي سماه، فيفعل، فيغضب سلم:
قال أبو عبد اللّه محمد بن العباس اليزيديّ حدّثني عبيد اللّه و عمي أبو القاسم عن أبي عليّ إسماعيل قال: قال لي أبي: قال سلم الخاسر يوما:
يا أبا محمد، قل أبياتا على قول امرئ القيس:
ربّ رام من بني ثعل
و لا أبالي أن تهجوني فيها، فقلت:
ربّ مغموم بعافية
غمط النّعماء من أشره
مورد أمرا يسرّ به
فرأى المكروه في صدره
و امرئ طالت سلامته
فرماه الدهر من غيره
بسهام غير مشوية [4]
نقضت منه عرا مرره
و كذاك الدهر مختلف
بالفتى حالين من عصره
يخلط العسرى بميسرة
و يسار المرء في عسره
/ عقّ سلم أمّة سفها
و أبا سلم على كبره
[1] أزمل: صوت.
[2] وداق ككتاب: شبق. و هو في الأصل: ميل ذات الحافر إلى الفحل.
[3] أطيط: أنين.
[4] غير مشوية: غير مخطئة.