ورد على ابن أبي عيينة كتاب من بعض أهله بأن أخاه داود خرج إليه ببريد [1]، فمات بهمذان، فقال ابن أبي عيينة عند ذلك يرثيه:
أ نائحة الحمام قفي فنوحي
على داود رهنا في ضريح
لدى الأجيال [2] من همذان راحت
به الأيام للموت المريح
و لم يشهد جنازته البواكي
فتبكيه بمنهلّ سفوح
و كوني مثله إذ كان حيا
جوادا بالغبوق و بالصّبوح
أ نائحة الحمام فلا تشحّى
عليه فليس بالرجل الشحيح
و لا بمثمّر مالا لدنيا
و لا فيها بمغمار طموح
يبيع كثير ما فيها بباق
ثمين من عواقبه ربيح
و من آل المهلّب في لباب
لباب الخالص المحض الصريح
/ همو أبناء آخرة و دنيا
و أهداف المراثي و المديح
يقدم إلى الكوفة فيحب قينة فيها:
أخبرني عمي، قال: حدثنا أحمد بن يزيد عن أبيه قال:
قدم أبو عيينة إلى الكوفة في بعض حوائجه، فعاشره جماعة من وجوه أهلها، و أقام بها مدة، و ألف فيها قينة كان يعاشرها و أحبها حبّا شديدا، فقال فيها:
لعمري لقد أعطيت بالكوفة المنى
و فوق المنى بالغانيات النّواعم
و نادمت أخت الشمس حسنا فوافقت
هواي و مثلي مثلها فلينادم
و أنشدتها شعري بدنيا فعربدت
و قالت: ملول عهده غير دائم
فقلت لها يا ظبية الكوفة اغفري
فقد تبت مما قلت توبة نادم
فقالت قد استوجبت منا عقوبة
و لكن سنرعى فيك روح ابن حاتم
شعره في بستان له و ضيعة:
قال أحمد بن يزيد، قال لي أبي:
كان لابن أبي عيينة بستان و ضيعة في بعض قطائع المهلّب بالبصرة، فأوطنها [3] و صيّرها منزله، و أقام بها، و فيها يقول:
[1] كذا في س، ب. م، أ «يريده».
[2] كذا في م، أ. س، ب «الأجباب»، جمع جب و هو البئر الّتي لم تطو، أو مما وجد لا مما حفره الناس.
[3] أوطنها: اتخذها وطنا.