قال: و قدم الحكم بن أبي
العاصي الثّقفيّ أخو عثمان بأعلاج من شهرك [1] في خلافة عمر قد أسلموا، فأمر عمر
عثمان بن أبي العاصي أن يختنهم، و قد كان أبو صفرة حاضرا فقال: ما لهؤلاء يطهّرون
ليصلوا! قال: إنّهم يختنون.
قال: إنا و اللّه هكذا
مثلهم، قال: فسمع ذلك عثمان بن أبي العاصي، فأمر بأبي صفرة فأجلس على جفنة فختن و
إنّه لشيخ أشمط فكان بها من قال: لسنا نشك في أنّ زوجته كذلك، فأخضرت و هي عجوز
أدماء، فأمر بها القابلة فنظرت إليها و كشفتها، و إذا هي غير مختونة، و ذلك منها
قد أحشف [2]، فأمر بها فخفضت.
و ليس هذا من الأقوال المعوّل
[4] عليها، لأن أصل المثالب زياد لعنه اللّه، فإنه لمّا ادّعى إلى أبي سفيان، و
علم أن العرب لا تقرّ له بذلك مع علمها بنسبه و مع سوء آثاره [5] فيهم، عمل كتاب
المثالب، فألصق بالعرب كلّها كلّ عيب و عار، و حقّ و باطل، ثم بني على الهيثم بن
عديّ- و كان دعيّا- فأراد أن يعرّ [6] أهل البيوتات تشفّيا منهم، و فعل ذلك أبو
عبيدة معمر بن المثنّى، و كان أصله يهوديا، أسلم جدّه على يدي بعض آل أبي بكر
الصديق رضي اللّه عنه، فانتمى إلى ولاء بني تيم فجدّد كتاب زياد و زاد فيه، ثم نشأ
غيلان الشّعوبيّ لعنه اللّه، و كان زنديقا ثنويّا لا يشكّ فيه، عرف في حياته بعض
مذهبه، و كان يورّي عنه في عوراته للإسلام بالتّشعّب و العصبية، ثم انكشف أمره بعد
وفاته، فأبدع كتابا عمله لطاهر بن الحسين، و كان شديد التّشعّب و العصبيّة، خارجا
عن الإسلام بأفاعيله، فبدأ فيه بمثالب بني هاشم و ذكر مناكحهم [7] و أمهاتهم و
صنائعهم، و بدأ منهم بالطّيّب الطاهر، رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فغمصه
[8] و ذكره، ثم والي بين أهل بيته الأذكياء النجباء عليهم السّلام، ثم ببطون قريش
على الولاء، ثم بسائر العرب، فألصق بهم كلّ كذب و زور، و وضع عليهم كل خبر باطل، و
أعطاه على ذلك مائتي ألف درهم فيما بلغني.
/ و
إنما جرّ هذا القول، ذكر المهلب و ما قيل فيه، و أنّي ذكرته فلم أجد بدّا من ذكر
ما روي فيه؛ و فيما مرّ عن أهل النسب، ثم قلت ما عندي.
[1]
لعلها شهر كند الّتي أوردها ياقوت في «معجمه»، و هي مدينة في طرف تركستان قريبة من الجند بينها و
بين مدينة خوارزم نحو عشرة أيام أو أقل.