responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 18  صفحه : 493

فغنّيته إياه، فطرب طربا شديدا و شرب عليه ثلاثة أرطال ولاء، و أمر لي بألف دينار و خلع عليّ جبّة وشي كانت عليه مذهبة، و درّاعة مثلها و عمامة مثلها تكاد تعشي البصر من كثرة الذّهب، فلمّا لبست ذلك و رآه عليّ ندم، و كان كثيرا ما يفعل ذلك، فقال لبعض الخدم: قل للطبّاخ يأتينا بمصليّة [1] معقودة الساعة، فأتى بها، فقال لي: كل معي، و كنت أعرف النّاس بمذهبه و بكراهته لذلك، فامتنعت. فحلف أن آكل معه، فحين أدخلت يدي في الغضارة [2] رفع يده، ثم قال: أفّ نغّصتها عليّ و اللّه و قذّرتها عندي بإدخالك يدك فيها، ثمّ رفس القصعة رفسة فإذا هي في حجري، و ودكها [3] يسيل على الخلعة حتى نفذ إلى جلدي، فقمت مبادرا فنزعتها، و بعثت بها إلى منزلي و غيّرت ثيابي و عدت و أنا مغموم منها و هو يضحك، فلمّا رجعت إلى منزلي جمعت كلّ صانع حاذق فجهدوا في إخراج ذلك الأثر منها فلم يخرج، و لم أنتفع بها حتى أحرقتها فأخذت ذهبها، و ضرب الدّهر بعد ذلك ضرباته.

يؤاكل المأمون و يغنيه فيعبس في وجهه ثم يدعوه ثانية و يكافئه‌

ثم دعاني المأمون يوما، فدخلت إليه و هو جالس، و بين يديه مائدة عليها رغيفان و دجاجتان، فقال لي: تعال فكل، فامتنعت، فقال لي: تعال ويلك فساعدني. فجلست فأكلت معه حتى استوفى، و وضع النبيذ و دعا علّوية فجلس، و قال لي: يا مخارق، أ تغنّي:

أقول التماس العذر لمّا ظلمتني‌

و حمّلتني ذنبا و ما كنت مذنبا

فقلت: نعم يا سيّدي، قال: غنّه، فغنّيته فعبس في وجهي ثم قال: قبّحك اللّه أ هكذا يغنّى هذا! ثم أقبل على علّوية فقال: أ تغنّيه؟ قال: نعم يا سيّدي، قال: غنّه، فغنّاه، فو اللّه ما قاربني فيه، فقال: أحسنت و اللّه، و شرب رطلا، و أمر له بعشرة آلاف درهم، و استعاده ثلاثا، و شرب عليه ثلاثة أرطال يعطيه مع كلّ عشرة آلاف درهم، ثم خذف بإصبعه [4] و قال: برق يمان، و كان إذا أراد قطع الشرب فعل ذلك، و قمنا فعلمت من أين أتيت.

فلمّا كان بعد أيام دعاني فدخلت إليه و هو جالس في ذلك الموضع بعينه يأكل هناك، فقال لي: تعال ويلك فساعدني، فقلت: الطلاق لي لازم إن فعلت، فضحك ثم قال: ويلك، أ تراني بخيلا على الطّعام! لا و اللّه، و لكنني أردت أن أؤدّبك، إنّ السادة لا ينبغي لعبيدها أن تؤاكلها، أ فهمت؟ فقلت: نعم، قال: فتعال الآن فكل على الأمان فقلت: أكون إذا أوّل من أضاع تأديبك إياه و استحقّ العقوبة من قريب، فضحك حتى استغرب [5]، ثمّ أمر لي بألف دينار، و مضيت إلى حجرتي المرسومة لي [6] للخدمة، و أتيت هناك بطعام فأكلت، و وضع النّبيذ و دعاني و بعلّوية، فلمّا جلسنا قال له: يا عليّ، أ تغنّي:

/

أ لم تقولي: نعم، قالت: أرى و هما

منيّ و هل يؤخذ الإنسان بالوهم! [7]


[1] صلى اللحم يصليه صليا: شواه فهو مصليّ، و يقال: أتى بشاة مصليّة.

[2] الغضارة كسحابة: القصعة الكبيرة.

[3] الودك: ما يتحلب من اللحم و الشحم من دسم.

[4] خذف بإصبعه: حركه كأنه يرمي شيئا.

[5] استغرب: بالغ في الضحك.

[6] ف، ما «المرسومة بي».

[7] الوهم: السهو أو الخطأ.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 18  صفحه : 493
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست