أخبرني عمّي، قال: حدّثنا
عبد اللّه بن أبي سعد، قال: حدّثني محمد بن محمد، قال:
سمع محمد بن سعيد القارئ
مهديّة جارية يعقوب بن السّاحر تغني صوتا لمخارق بحضرته، و قد كانت أخذته عنه و
هو:
ما لقلبي يزداد في
اللهو غيّا
و الليالي قد أنضجتني كيّا
سهلت بعدك الحوادث
حتّى
لست أخشى و لا أحاذر شيّا
فأحسنت فيه ما شاءت، و انصرف
محمد بن سعيد، و قرأ على لحنه:يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ[1].
قصة رجل حلف بالطلاق أن
يسمعه ثلاث مرات
حدّثني عمّي، قال: حدثنا
عبد اللّه، قال: حدثني محمد، قال:
كنت عند مخارق أنا و هارون
بن أحمد بن هشام، فلعب مع هارون بالنّرد فقمره مخارق مائتي رطل باقلا طريّا، فقال
مخارق: و أنتم عندي أطعمكم من لحم جزور من الصناعة، يعني من صناعة أبيه يحيى بن
ناووس الجزّار.
قال: و مرّ بهارون بن أحمد
فصيل ينادى عليه، فاشتراه بأربعة دنانير، و وجّه به إلى مخارق، و قال: يكون ما
تطعمنا من هذا الفصيل، فاجتمعنا و طبخ مخارق بيده جزوريّة، و عمل من سنامه و كبده
و لحمه غضائر [2] شويت في التّنّور، و عمل من لحمه لونا يشبه الهريسة بشعير مقشّر
[3] في نهاية الطّيب، فأكلنا و جلسنا نشرب، فإذا نحن بامرأة تصيح من الشّطّ:/ يا
أبا المهنّأ، اللّه اللّه فيّ، حلف زوجي عليّ بالطّلاق أن يسمع غناءك و يشرب عليه،
فقال: اذهبي و جيئي به، فجاء فجلس، فقال له: ما حملك على ما صنعت، فقال له: يا
سيّدي، كنت سمعت صوتا من صنعتك فطربت عليه حتى استخفّني الطّرب، فحلفت أن أسمعه
منك ثقة بإيجابك حقّ زوجتي، و كانت زوجته داية هارون بن مخارق. فقال: و ما هو
الصوت؟ فقال:
الشعر لحسين بن مطير، و
الغناء لمخارق ثقيل أول، و فيه لإسحاق ثقيل أول آخر، فغنّاه إياه و سقاه رطلا، و
أمره بالانصراف، و نهاه أن يعاود، و خرج. فما لبثنا أن عادت المرأة تصرخ: اللّه
اللّه فيّ يا أبا المهنّأ، قد أعاد زوجي المشئوم اليمين أنك تغنّيه صوتا آخر، فقال
لها: أحضريه، فأحضرته أيضا، فقال له: ويلك، ما لي و لك! أيّ شيء قصّتك [5]! فقال
له: يا سيّدي أنا رجل طروب، و كنت قد سمعت صوتا لك آخر فاستفزّني الطّرب إلى أن