أخبرني محمد بن عمران
الصّيرفيّ و الحسن بن عليّ قالا: حدثنا الحسن بن عليل العنزيّ، قال: حدثني عليّ بن
الفضل [1] السّلميّ، قال:
كان أشجع بن عمرو السلميّ
يكنى أبا الوليد من ولد الشّريد بن مطرود السلميّ، تزوج أبوه امرأة من أهل
اليمامة، فشخص معها إلى بلدها فولدت له هناك أشجع، و نشأ باليمامة، ثم مات أبوه.
كان يعد من فحول الشعراء
فقدمت به أمّه البصرة تطلب
ميراث أبيه، و كان له هناك مال فماتت بها، و ربّي أشجع و نشأ بالبصرة، فكان من لا
يعرفه يدفع نسبه، ثم كبر و قال الشّعر و أجاد وعدّ في الفحول، و كان الشّعر يومئذ
في ربيعة و اليمن، و لم يكن لقيس شاعر معدود، فلما نجم أشجع و قال الشّعر، افتخرت
به قيس و أثبتت نسبه، و كان له أخوان: أحمد و حريث ابنا عمرو، و كان أحمد شاعرا و
لم يكن يقارب أشجع، و لم يكن لحريث شعر، ثم خرج أشجع إلى الرّقّة و الرّشيد بها،
فنزل على بني سليم فتقبّلوه و أكرموه، و مدح البرامكة، و انقطع إلى جعفر خاصّة و
أصفاه مدحه، فأعجب به و وصله إلى الرشيد، و مدحه فأعجب به أيضا، فأثرى و حسنت حاله
في أيّامه و تقدّم عنده.
شخص من البصرة إلى الرقة
لينشد الرشيد قصيدته
أخبرني محمد بن عمران،
قال: حدّثني العنزيّ، قال: حدّثني صخر بن أسد السّلميّ، قال: حدّثني أبي أسد/ بن
جديلة، قال: حدّثني أشجع السّلميّ قال:
شخصت من البصرة إلى
الرّقّة، فوجدت الرّشيد غازيا، و نالتني خلّة، فخرجت حتى لقيته منصرفا من الغزو، و
كنت قد اتّصلت ببعض أهل داره، فصاح صائح ببابه: من كان هاهنا من الشعراء فليحضر
يوم الخميس، فحضرنا سبعة و أنا ثامنهم، و أمرنا بالبكور [2] في يوم الجمعة،
فبكّرنا و أدخلنا، و قدّم واحد منا ينشد على الأسنان، و كنت/ أحدث القوم سنّا، و
أرثّهم [3] حالا، فما بلغ إليّ حتى كادت الصلاة أن تجب، فقدّمت و الرّشيد على
كرسيّ، و أصحاب الأعمدة بين يديه سماطان [4].
خاف وجوب الصلاة فبدأ
إنشاد الرشيد بما جاء في قصيدته من مدح
فقال لي: أنشدني، فخفت أن
أبتدئ من أوّل قصيدتي بالتّشبيب فتجب الصلاة و يفوتني ما أردت، فتركت