فأخبرني الحسن بن عليّ، عن
ابن مهرويه، عن عليّ بن محمد النوفليّ، قال: لمّا قال ابن مناذر هذه الأبيات:
إذا أنت تعلّقت
بحبل من أبي الصّلت
تعلّقت بحبل وا
هن القوّة منبتّ
و قال الشيخ سرجو
يه: داء المرء من تحت
/ فبلغ ذلك سرجويه، فجاء إلى محمد بن عبد الوهاب، فوقف
عليه في مجلسه و عنده جماعة من أهله و إخوانه و جيرانه، فسلّم عليه و كان أعجميّا
لا يفصح، ثم قال: «بركست كمن كفتم أن كسر مناذر كفت: داء المرء من تحت» [1]،
فكاد القوم أن يفتضحوا من الضّحك، و صاح به محمد: اعزب قبّحك اللّه، فظنّ أنه لم
يقبل عذره، فأقبل يحلف له مجتهدا ما قال ذاك، و محمد يصيح به: ويلك اعزب عنّي، و
هو في الموت منه، و كلما زاده من الصّياح إليه زاده في العذر و اجتهد في الأيمان،
و ضحك الناس حتى غلبوا، و قام محمد خجلا فدخل منزله و تفرّقوا.
قال أبو الحسن النّوفليّ:
ثم مضى لذلك زمان، و هجا أبو نعامة أبا عبد اللّه عريسة الكاتب/ فقال فيه:
و روى شيخ تميم
خالد أنّ هريسة
يدخل الأصلع ذا الخر
جين في جوف الكنيسة
فلقي خالد بن الصبّاح هذا
هريسة، و كان يعاديه، و أراد أن يخجله، فحلف له مجتهدا أنّه لم يقل فيه ما قاله
أبو نعامة، فقال هريسة: يا بارد! لم ترد أن تعتذر، إنما أردت أن تتشبّه بابن مناذر
و محمّد بن عبد الوهاب، و بأبي الشّمقمق و أحمد بن المعذّل، و لست من هؤلاء في
شيء.
شعر له في ضرير و أخرس
جالسين عنده
قرأت في بعض الكتب عن ابن
أبي سعد، قال: حدّثني أبو الخطّاب الحسن بن محمد، عن محمد بن إسحاق البلخيّ، قال:
دخلت على ابن مناذر يوما و
عنده رجل ضرير جالس عن يمينه، و رجل بصير جالس عن شماله ساكت لا ينطق، قال: فقلت
له: ما خبرك؟ فقال:
/ بين
أعمى و أخرس أخرس اللّه لسان الأعمى و أعمى البصيرا قال: فوثبا فخرجا من عنده و
هما يشتمانه.
خبره مع سفيان بن عيينة
و نسخت من كتاب ابن أبي
الدّنيا: حدّثني أبو محمّد التّميميّ، قال: حدّثني إبراهيم بن عبد اللّه، عن الحسن
بن عليّ، قال:
كنّا عند باب سفيان بن
عيينة و قد هرب منا، و عنده الحسن بن عليّ التّختاخ، و رجل من الحجبة، و رجل من
أصحاب الرشيد، فدخل بهم و ليس يأذن لنا، فجاء ابن مناذر فقرب من الباب، ثم رفع
صوته فقال.
[1]
كذا في هب، مد: يريد سرجويه أن يقول
لابن عبد الوهاب «إن ما قاله ابن مناذر منسوبا إليه غير صحيح».