فلما سمع حضير طعن بسنان
رمحه فخذه، و نزل و صاح: وا عقراه! و اللّه لا أريم [1] حتى أقتل، فإن شئتم يا
معشر الأوس أن تسلموني فافعلوا.
فتعطّفت عليه الأوس، و قام
على رأسه غلامان من بني عبد الأشهل،/ يقال لهما: محمود و لبيد- ابنا خليفة بن
ثعلبة- و هما يومئذ معرسان [2] ذوا يطش، فجعلا يرتجزان و يقولان:
أيّ غلامي ملك ترانا
في الحرب إذ دارت بنا رحانا
و عدّد الناس لنا
مكانا
مقتل عمرو بن النعمان
فقاتلا حتى قتلا، و أقبل
سهم حتى أصاب عمرو بن النعمان رأس الخزرج فقتله، لا يدرى من رمى به، إلّا أنّ بني
قريظة تزعم أنه سهم رجل يقال له أبو لبابة، فقتله.
فبينا عبد اللّه بن أبيّ
يتردّد على بغلة له قريبا من بعاث، يتحسّس أخبار القوم، إذ طلع عليه بعمرو بن
النّعمان ميّتا في عباءة، يحمله أربعة إلى داره. فلما رآه عبد اللّه بن أبيّ قال:
من هذا؟ قالوا: عمرو بن النعمان. قال: ذق وبال العقوق.
انهزام الخزرج
و انهزمت الخزرج، و وضعت
الأوس فيهم السّلاح، و صاح صائح: يا معشر الأوس، أسجحوا [3] و لا تهلكوا إخوتكم
فجوارهم خير من جوار الثّعالب.
قريظة و النضير تسلبان
الخزرج
فتناهت الأوس، و كفّت عن
سلبهم بعد إثخان فيهم، و سلبتهم قريظة و النّضير، و حملت الأوس حضيرا من الجراح
التي به، و هم يرتجزون حوله و يقولون:
و جعلت الأوس تحرّق على
الخزرج نخلها و دورها؛ فخرج سعد بن معاذ الأشهليّ حتى وقف على باب بني سلمة، و
أجارهم و أموالهم جزاء لهم بيوم الرّعل [5]، و كان للخزرج على الأوس يوم يقال له
يوم مغلّس [6]