سليم [1] بن أسد القرظيّ-/
و هو جدّ محمد بن كعب القرظيّ- فخلّى عنه، و أطلق ناس من الخزرج نفرا فلحقوا
بأهليهم، فناوشت الأوس الخزرج يوم قتل الرهن شيئا من قتال غير كبير.
اجتماع قريظة و النضير
على معاونة الأوس على الخزرج
و اجتمعت قريظة و النّضير
إلى كعب بن أسد، أخي بني عمرو بن قريظة، ثم توامروا أن يعينوا الأوس على الخزرج؛
فبعث إلى الأوس بذلك.
بنو قريظة و النضير
يؤوون النبيت في دورهم
ثمّ أجمعوا عليه، على أن
ينزل كلّ أهل بيت من النّبيت [2] على بيت من قريظة و النضير، فنزلوا معهم في
دورهم، و أرسلوا إلى النّبيت يأمرونهم بإتيانهم، و تعاهدوا ألّا يسلموهم أبدا، و
أن يقاتلوا معهم حتى لا يبقى منهم أحد. فجاءتهم النّبيت فنزلوا مع [3] قريظة و
النّضير في بيوتهم، ثم أرسلوا إلى سائر الأوس في الحرب و القيام معهم على الخزرج،
فأجابوهم إلى ذلك. فاجتمع الملأ منهم، و استحكم أمرهم، و جدّوا في حربهم، و دخلت
معهم قبائل من أهل المدينة، منهم بنو ثعلبة- و هم من غسان- و بنو زعوراء، و هم من
غسّان.
مشاورة الخزرج عبد اللّه
بن أبيّ في حرب الأوس
فلما سمعت بذلك الخزرج
اجتمعوا، ثم خرجوا، و فيهم عمرو بن النعمان البياضيّ، و عمرو بن الجموح السّلميّ،
حتى جاءوا عبد اللّه بن أبيّ، و قالوا له: قد كان الذي بلغك من أمر الأوس و أمر
قريظة و النّضير و اجتماعهم على حربنا، و إنّا نرى أن نقاتلهم، فإن هزمناهم لم
يحرز أحد منهم معقله و لا ملجأه حتى لا يبقى منهم أحد.
فلما فرغوا من مقالتهم قال
عبد اللّه بن أبيّ خطيبا و قال: إنّ هذا بغي/ منكم على قومكم و عقوق، و و اللّه ما
أحبّ أنّ رجلا [4] من جراد لقيناهم.
تحذير عبد اللّه بن أبيّ
عاقبة الغدر
و قد بلغني أنهم يقولون:
هؤلاء قومنا منعونا الحياة أ فيمنعوننا الموت! و اللّه إني أرى قوما لا ينتهون أو
يهلكوا عامّتكم، و إني لأخاف إن قاتلوكم أن ينصروا عليكم لبغيكم عليهم، فقاتلوا
قومكم كما تقاتلونهم، فإذا ولّوا فخلّوا عنهم، فإذا هزموكم فدخلتم أدنى البيوت
خلّوا عنكم. فقال له عمرو بن النعمان: انتفخ و اللّه سحرك [5] يا أبا الحارث حين بلغك
حلف الأوس قريظة و النضير! فقال عبد اللّه: و اللّه لا حضرتكم أبدا، و لا أحد
أطاعني أبدا، و لكأني أنظر إليك قتيلا تحملك أربعة في عباءة [6].
[1]
كذا في المختار، و هو يوافق ما في
الإصابة، و في الأصول «سليمان».
[2]
النبيت: أبو حي باليمن، و اسمه عمرو
بن مالك. القاموس «نبت»، و في جمهرة أنساب
العرب 319: النبيت بنو عمرو بن مالك بن الأوس.