أحسن إليكم فكان لكم الفضل
عليّ، و أنا أعاهد اللّه أن أضرب عراقيب إبلي عن آخرها أو تقدموا [1] إليها
فتقتسموها. ففعلوا، فأصاب الرجل تسعة و تسعين بعيرا [2]، و مضوا على سفرهم إلى
النعمان. و إن أبا حاتم سمع بما فعل، فأتاه، فقال له: أين الإبل؟ فقال: يا أبت؛
طوّقتك بها طوق الجمامة مجد الدهر، و كرما لا يزال الرجل يحمل بيت شعر أثنى به
علينا عوضا من إبلك.
فلما سمع أبوه ذلك قال: أ
بإبلي فعلت ذلك! قال: نعم، قال: و اللّه لا أساكنك أبدا. فخرج أبوه بأهله، و ترك
حاتما، و معه جاريته و فرسه و فلوها، فقال يذكر تحوّل أبيه عنه [3]:
و هذا شعر يدلّ على أنّ
جدّه صاحب هذه القصة معه لا أنها قصة أبيه. و هكذا ذكر يعقوب بن السكيت، و وصف أنّ
أبا حاتم هلك و حاتم صغير، فكان في حجر جدّه سعد بن الحشرج، فلما فتح يده بالعطاء
و أنهب ماله ضيّق عليه جدّه و رحل عنه بأهله، و خلّفه في داره،/ فقال يعقوب خاصة:
فبينا حاتم يوما بعد أن
أنهب ماله و هو نائم إذ انتبه، و إذا [8] حوله مائتا بعير أو نحوها تجول و يحطم
بعضها بعضا، فساقها إلى قومه، فقالوا: يا حاتم، أبق على نفسك فقد رزقت مالا، و لا
تعودنّ إلى ما كنت عليه من الإسراف، قال: فإنها نهبى [9] بينكم، فانتهبت، فأنشأ
حاتم يقول: